للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله، ثم توجه هو بمن معه لغزوهم بالجبل صحبة ولي الأمر نائب المملكة، وما زال مع ولي الأمر في حصارهم حتى فتح الله الجبل وأجلى أهله، وكان توجه الشيخ إلى الكسروانيين أول ذي الحجة سنة أربع وسبعمائة، ورد على شيوخ روافضهم في دعواهم عصمة عليّ، وقال إن علياً وعبد الله بن مسعود اختلفا في مسائل وقعت وفتاوى أفتيا بها وعرض ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم فصوب فيها قول ابن مسعود، ثم كتب الشيخ للسلطان يخبره بأمر الفتح وعن عقائدهم، وهي أنهم يعتقدون كفر الصحابة وكفر من ترضى عنهم، أو حرم المتعة، أو مسح على الخفين، ولا يقرون بصلاة ولا صيام ولا جنة ولا نار، ولا يحرمون الدم والميتة ولحم الخنزير، ويشتملون على إسماعيلية ونصيرية وحاكمية وباطنية، وهم كفار أكفر من اليهود والنصارى.

ثم قال: وتمام هذا الفتح أمر السلطان بحرمان أهل الفساد من مشايخ الدين يصلونهم ويتقدم إلى قراهم بأعمال دمشق وصعد وطرابلس وحمص وحماه وحلب بأن تقام فيهم شرائع الإسلام الجمعة والجماعة وقراءة القرآن، وتكون لهم خطباء ومؤذنون، ويقرأ فيهم الأحاديث النبوية، وتكثر فيهم المعالم الإسلامية، وأطال الكلام في كتابه، وحث السلطان على ذلك، وقال: إن غزوهم اقتداء بسيرة علي بن أبي طالب في قتاله للحرورية المارقين الذين تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بقتالهم ونعت حالهم، وقال صلى الله عليه وسلم فيهم: "يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامه، وقراءته مع قراءتهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز جناجرهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد، لو يعلم الذين يقاتلونهم ماذا له معلى لسان محمد، يقتلون أهل الإسلام ويدّعون أهل الأوثان، يقرؤون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم، شر قتلى تحت أديم السماء، خير قتلى من قتلوه"١.

وكان رضي الله عنه قائماً في نصر الدين وإظهار الحق بأدلة أقطع من


١ انظر "خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب" للنسائي رقم (١٧٣- وما بعده) .

<<  <  ج: ص:  >  >>