وتفجعت كل القلوب لفقده ... وعداً عليها حسرة وسقام
ومضت جنازته الشريفة بعدما ... سد المسالك صارخ وزحام
وأتت روايات الشام بجمعها ... خبراً صحيحاً ليس فيه أثام
إن الألى شهدوا الصلاة وشيعوا ... والله لا تحصيهم الأقلام
فعليه أفضل رحمة تهدى له ... ومن الإله تحية وسلام
ما دامت الأفلاك في دورانها ... أو ناح من فوق الغصون حمام
ومنها للشيخ تقي الدين محمود بن علي الدقوقي البغدادي المحدث- ولم ير الشيخ:
مضى عالم الدنيا الذي جل فقده ... وأضرم نار في الجوانح بعده
فدمعي طليق فوق خدي مسلسل ... أكفكفه حيناً وجفني يرده
ويرجو التلاقي والفراق يصده ... وما حيلة الراجي إذا خاب قصده
مضى الطاهر الأثواب ذو العلم والحـ ... ـجى ولم يتدنس قط بالإثم برده
مضى الزاهد الندب ابن تيمية الذي ... أقر له بالعلم والفضل ضده
بكته بلاد الشام طراً وأهلها ... وجامعها وانماع للحزن صلده
يحن إليه في النهار صيامه ... ويشتاقه في ظلمة الليل ورده
ويبكي له نوع الكلام وجنسه ... ويندبه فصل الخطاب وجده
حمى نفسه الدنيا وعف تكرماً ... ولما يصعر للدنيات خده
ولم يجتمع زوجان من شهواتها ... لديه وبين الناس قد صح زهده
ويؤثر عن فقر وفيه قناعة ... ويعجبه من كل شيء أشده
عليم بمنسوخ الحديث وحكمه ... وناسخه فخر الزمان ومجده
قؤول فعول طيب الجسم طاهر ... إمام له في كل حكم أشده
فما قال في دنياه هجراً ولا هوى ... ولا زاغ عن حق تبين رشده
علوم كنشر المسك من كل سيرة ... يسدد دين المصطفى ويجده
فلله ما ضم التراب وما حوى ... من الفضل فليفخر على الأرض لحده
فيا نعشه ماذا حملت من امرىء ...
جميع الورى فيه وفوقك فرده