برسله، ويبتر أعماله فلا يستعمله في طاعته، ويبتره من الأنصار فلا يجد له ناصراً ولا عوناً، ويبتره من جميع القرب والأعمال الصالحة فلا يذوق لها طعماً ولا يجد لها حلاوة، وإن باشره بظاهره فقلبه شارد عنها، وهذا جزاء من شنأ بعض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ورده لأجل هواه أو متبوعه أو شيخه أو أميره أو كبيرة، كمن شنأ آيات الصفات وأحاديث الصفات وتأولها على غير ما أراد الله ورسوله سفها وظلما على ما يوافق مذهبه ومذهب طائفته، أو تمنى أن لا تكون آيات الصفات أنزلت، ولا أحاديث الصفات قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أقوى علامات شنآنه لها وكراهته لها أنه إذا سمعها حين يستدل بها أهل السنة على ما دلت عليه من الحق اشمأز من ذلك وحاد عن ذلك، لما في قلبه من البغض لها، فأي شنآن للرسول أعظم من هذا؟
وكذلك أهل السماع الذين يرقصون على سماع الغناء والقصائد، والدفوف والشبابات، وإذا سمعوا القرآن يتلى ويقرأ عليهم في مجالسهم استطالوا ذلك واستثقلوه، فأي شنآن أعظم من هذا؟
وقس على هذا سائر الطوائف في هذا الباب، وكذا من اثر كلام الناس وعلومهم على القرآن والسنة، فلولا أنه شانىء لما جاء به الرسول ما فعل ذلك، حتى أن بعضهم لينسى القرآن بعد أن حفظه، ويشتغل بقول فلان وفلان، ولكن من أعظم شنآنه ورده؛ من كفر به وجحده، وجعله أساطير الأولين وسحراً يؤثر، فهذا أعظم وأطم انبتاراً، وكل من شنأه له نصيب من الانبتار على قدر شنئه له، فهؤلاء شنؤوه وعادوه جازاهم الله بأن جعل الخير كله معادياً لهم فبترهم منه، وخص نبيه صلى الله عليه وسلم بضد ذلك، وهو أن أعطاه الكوثر وهو الخير الكثير الذي آتاه الله في الدنيا والآخرة، وأعطاه في الدنيا الهدى والنصر والتأييد، وقرة العين والنفس، وانشراح الصدر، ونعم قلبه بذكره وحبه، بحيث لا يشبه نعيمه نعيم في الدنيا البتة، وأعطاه في الآخرة الوسيلة والمقام المحمود، وجعله أول من يفتح له ولأمته باب الجنة، وأعطاه في الآخرة لواء الحمد والحوض العظيم في موقف القيامة إلى غير ذلك، وجعل المؤمنين كلهم أولاده وهو أب لهم، وهذا ضد حال الأبتر الذي يشنأه