ويشنأ ما جاء به، وقوله:(إن شانئك) أي مبغضك (هو الأبتر) أي المقطوع النسل الذي لا يولد له خير ولا عمل صالح، فلا يتولد عنه خير ولا عمل صالح.
قيل لأبي بكر بن عياش: إن في المسجد قوماً يجلسون ويجلس إليهم، فقال: من جلس للناس جلس الناس إليه، ولكن أهل السنة يموتون ويحيى ذكرهم، وأهل البدعة يموتون ويموت ذكرهم. لأن أهل السنة أحيوا بعض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وأهل البدعة أماتوا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان لهم نصيب من قوله (إن شانئك هو الأبتر) .
فالحذر الحذر أيها الرجل من أن تكره شيئاً مما جاء به الرسول، أو ترده لأجل هواك، أو انتصاراً لمذهبك أو شيخك، أو لأجل اشتغالك بالشهوات أو بالدنيا، فإن الله لم يوجب على أحد طاعة أحد إلا طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم والأخذ بما جاء به، بحيث لو خالف العبد جميع الخلق واتبع الرسول ما سأله الله تعالى عن مخالفة أحد، فإن كل من أطيع أو يطاع إنما يطاع تبعاً للرسول صلى الله عليه وسلم، ولو أمر بخلاف ما أمر به الرسول ما أطيع، فاعلم ذلك واسمع وأطع، واتبع ولا تبتدع تكن أبتر مردوداً عملك، بل لا خير في عمل أبتر من الاتباع، ولا خير في عامله" انتهى.
فهذه أقوال أهل العلم فيمن انتقص أئمة الهدى وخيار الأمة كما فعل النبهاني وابن حجر المكي وسائر الغلاة، وقد كشف الله تعالى عن سوأتهم، وأراهم سوء منقلبهم، هذا بعض ما يستحقونه من عذاب الله وبطشه، ولعذاب الآخرة أشد.
والنبهاني الغافل ظن أن أهل الحق ليس لهم أعوان ولا أنصار سوى مصنف (جلاء العينين) فأخذ يشنع عليه بأقواله الكاسدة، وما درى المسكين أن أنصار الله لا يحيط بهم نطاق الإحصاء، وما يعلم جنود ربك إلا هو، نسأله تعالى الهداية إلى صراطه المستقيم.
قال النبهاني، وقد عقد فصلاً في الفرق بين الإمامين ابن حجر وابن تيمية: