للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى كتاب ولا سنة؟ نعم كان بعض جهلة الشافعية مغترين ببعضها قبل أن تنتشر كتب المتقدمين وتظهر كنوز العلم بواسطة الطبع.

الوجه السادس: قوله في بيان سبب انتشار كتبه وتعليله للاتفاق على أنه أحد الأئمة الأعلام، الذين لم يطعن فيهم أحد من علماء مذاهب الإسلام، من عصره إلى الآن، ولم ينسبه واحد منهم إلى بدعة إلخ؛ كذب ظاهر، بل قد طعنوا به وبكتبه، كما مر غير مرة، على أنه لو سلم ذلك فليس فيه ما يستوجب المدح، بل ما يستوجب خلافه، قال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} ١ والسواد الأعظم لا يرضون عن أحد حتى يوافقهم على أهوائهم وعقائدهم الزائغة، أو أن أهل العلم لم يعبؤوا بمثله، ولا التفتوا إليه، فإن ابن حجر مما لا أهمية به.

إن الرياح إذا اشتدت عواصفها ... فليس ترمي سوى العالي من الشجر

ألا ترى أنك لا تجد عالماً مشهوراً، وفاضلاً مذكوراً إلا ووجه الناس إليه سهام الملام، وعاداه جمع كثير من الأنام، وذلك فخر لأهل العلم ودليل على علو شأنهم.

قال الإمام الرافعي في كتابه (إحياء القلوب) : واعلم أن كثرة الإنكار والأعداء مما يثبت لك أسوة بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام، لقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ} ٢ فعلم أن عداوة المؤمنين للعبد من شقاوته، لأن قلوب المؤمنين لا تمقت إلا بحق، لأنهم لا يجتمعون على ضلالة، وأعظم نصابهم أربع.

واعلم أن الدنيا ليست موضع ظهور الجزاء للتكليف، فكل إنسان فيها مشغول بنفسه، مطلوب بأداء ما كلف به من العمل، فمن علم هذا لم يبالِ كيف أصبح ولا أمسى عند الخلق، ولم يلتفت لمدحهم ولا ذمهم، لأنهم في محل


١ سورة البقرة: ١٢٠.
٢ سورة الفرقان: ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>