للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في أحبابه وأصفيائه، وللصوفية من هذا البلاء الحظ الأوفر، فإن العارف بالله ابن أبي جمرة لما اختصر البخاري وشرحه وعرض فيه بأنه يرى المصطفى صلى الله عليه وسلم يقظة؛ قاموا عليه وعقدوا له مجلساً، وألزم بالجلوس في بيته، فلزمه، فلم يخرج إلا للجمعة حتى مات، ولما ألف الحكيم الترمذي "نوادر الأصول" و"ختم الأولياء" و"علل الشريعة"؛ ثاروا عليه ورموه بالعظائم، وبطشوا به، فجمع كتبه كلها وألقاها في البحر، قيل فاستمرت فيه ثم لفظها على حالها فانتفع الناس بها.

وثاروا على البوشنجي ونفوه من بلده فسكن نيسابور إلى أن مات.

وأفتوا بتكفير أبي الحسن الخراز بمواضع التقطوها من كتبه، ونفوه من بلده، وشهدوا على الشبلي بالكفر مراراً مع كمال علمه، وكثرة مجاهداته وزهده واتباعه للسنة، وشهد عليه آخرون بالجنون، وأدخل (البيمارستان) ثم نفوه إلى أن مات.

وقام أهل المغرب على الإمام أبي بكر النابلسي- مع علمه وزهده وورعه وتمسكه بالسنة وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر- فأخرجوه من بلاد المغرب بالقيد والزند إلى مصر، وشهدوا عليه عند السلطان بكلمات من كلمات القوم، فأقر بها وأصر عليها، فأمر بسلخه حياً منكوساً، ففعل به ذلك، فصار- وهو كذلك- يقرأ القرآن.

وأنكروا على أبي القاسم النصرآبادي مع علمه وصلاحه، وزهده واستقامة طريقه، واتباعه للسنة، ونفوه إلى مكة، فلم يزل فيها حتى مات.

وقاموا على أبي عبد الله السجزي صاحب الفوائد الحديثية وأخرجوه ونفوه.

وقاموا على ابن سمعون الواعظ وآذوه وضربوه ومنعوه من الجلوس للوعظ في الجامع، فانقطع في بيته حتى مات، فمنعوا الناس من حضور جنازته مع كماله وجلالته.

<<  <  ج: ص:  >  >>