وطعنوا علي أبي القاسم بن جميل ورموه بالعظائم، فلم يتزلزل عما هو فيه من الاشتغال بالفقه والحديث وصيام الدهر والتزهد والتعبد حتى مات.
وآذوا الإمام أبا الحسن الشاذلي وأخرجوه من بلاد المغرب بأتباعه، ثم كاتبوا نائب الإسكندرية بأنه زنديق فاحذروا منه على أنفسكم وأهل بلدتكم، ووشوا به إلى السلطان، فحج في جماعته وكان الحج قد انقطع لكثرة قطاع الطريق، فما رأوا إلا خيراً، فاعتقده الناس وعظموه وأجمعوا عليه حينئذ.
وقتلوا الحلاج، والإمام أبا القاسم ابن قسي صاحب كتاب خلع النعلين، وابن برجان صاحب التفسير المشهور، والجرجاني، مع كونهم أئمة يقتدى بهم، ولما قام عليهم الحاسدون عجزوا عن أن يثبتوا عليهم ما يوجب القتل، فحملوا عليهم الحيلة، وقالوا للسلطان إنه خطب لابن برجان من نحو مائة وثلاثين بلداً فأمر بقتلهم.
وقاموا على العفيف التلمساني صاحب التآليف المشهورة وقالوا هو لحم خنزير في صحن صيني وضربوه ونفوه.
وعقدوا للشيخ عز الدين ابن عبد السلام عدة مجالس بسبب كلمة قالها في العقائد ولطف الله به وظفره.
وغيروا السلطان بيبرس على قاضي القضاة ابن بنت الأعز بعدما كان بينهما من كمال المودة حتى أمر بشنقه ثم أمده الله بلطفه في حكاية طويلة.
وكان الشيخ عمارة اليمني متضلعاً من الفقه والحديث وغيرهما فأغروا به السلطان صلاح الدين وقالوا إنه هجاك بقصيدة، فلم يتغير السلطان لما كان عليه من مزيد الحلم، حتى قالوا إنه ينتقص النبي صلى الله عليه وسلم في شعره، ولم يثبت عليه ذلك، بل أنكر أن تلك القصيدة التي ذكر ذلك فيها من نظمه، فحسن له القاضي الفاضل قتله فقتله.