للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحسدوا شيخ الإسلام ابن أبي شريف، وانتهزوا الفرصة بإغراء السلطان عليه حتى تشوش منه بسبب إفتائه بعدم جواز قتل امرأة ورجل أجنبيين وجدا في خلوة فهم بالبطش به، ثم شنق المرأة والرجل على باب داره، وأمره بالخروج من البلد إلى بلده بيت المقدس، فوافق ذلك قدوم الخبر بأن السلطان سليم قدم إلى حلب يريد غزوه فاشتغل بنفسه.

إلى غير ذلك من الوقائع التي لا يمكن حصرها، ولا يضيع الله حقاً لأحد، والله عند قول كل قائل، فليتق الله عبد ولينظر ما يقول.

هذا كله من كتاب (إحياء القلوب) للرافعي، وبه يعلم ما في كلام النبهاني من الخلل، حيث جعل سكوت العامة عن ابن حجر دليلاً على علو قدره وجلالة شأنه، ويفهم منه أن عدم رضاهم دليل الجهل وعدم العدالة.

ومقصوده من ذلك كله الحط على ابن تيمية بسبب ما كان من الجهلة في شأنه، ومعاداة الغلاة له. {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} ١.

الوجه السابع: أن قول النبهاني: وقد كان رحمه الله مع كونه إماماً فقيهاً يعتقد في ساداتنا الصوفية أحسن الاعتقاد، ويثني عليهم أحسن الثناء، ويجيب عنهم بأحسن الأجوبة، فشملته بركاتهم وعمته نفحاتهم؛ لا يستوجب ترجيح صاحبه على مجتهدي الأمة وأكابر العلماء، والمسلمون كلهم يعتقدون الخير في الصوفية المتبعين لما جاء الرسول به، لا المتبعين لأهوائهم المبتدعين، ولاسيما شيخ الإسلام فقد كان رضي الله عنه من أكابر الصوفية والزهاد، وقد بين في كتابه (الفرقان بين أولياء الشيطان وأولياء الرحمن) ما ينشرح به صدر كل موحد.

وليس كل من ادعى أنه صوفي يسلم له الزهد والورع، لاسيما صوفية هذا


١ سورة التوبة: ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>