العصر فإنهم ذئاب، عليهم من جلود الشياه ثياب، كما نسمع عن شيخ مبتدعة الرفاعية في دار السلطنة، فإنه قد فاق على إبليس في مكره وحيله، وخبثه وزندقته، وكما نسمع عن شيخ القادرية في بغداد ممن ينتسب إلى الكيلاني، ويرشدون الناس، وعندهم خاتم كبير يختمون به ما يعطونه لمن يسلك عليهم، مكتوب لا إله إلا الله (عبد القادر شي لله) وقد كفروا بذلك كما ذكره فقهاء السادة الحنفية، ففي منظومة ابن وهبان:
بدرويش درويشان كفر بعضهم ... كذا قول شي لله بعض يكفر
والنقيب وأولاده وسائر أفراد عائلتهم هم أعظم الناس بلاء على الأمة، ليست معصية في الدنيا إلا وقد استباحوها، وكبيرهم النقيب بل الذيب، هو بريد الشر على العراق، وهم أرفاض زنادقة، يسبون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم علناً، ويشربون الخمور، ويتعاطون كل منكر، وعسى الله يعين على إفراد كتاب نبسط فيه أحوال هؤلاء الزنادقة وتحذير المسلمين منهم، هؤلاء شيوخ صوفية عصرنا والأمر لله.
وابن حجر إن عظّم أمثال هؤلاء الفجرة فهو لا شك من أعداء الله، وإن أحسن الاعتقاد فيمن تبع منهم الشريعة الغراء فكل المسلمين والعلماء العاملين كذلك، فلا مزية له على غيره، وقد ذكر في كتابه (التعرف في الأصلين والتصوف) ما يوافق ما ذكرناه، حيث قال: وطريق أبي القاسم الجنيد سيد الطائفة طريق مقوم، لأنه خال من البدع، دائر على التسليم والتفويض، والتبري من النفس والتوحيد بالحق، وما وقع في كتب جمع من متأخري الصوفية- كابن عربي وأتباعه بحق وهم الأقلون- يجب تجنب ظواهره الموهمة لما لا يحل اعتقاده، بل لما هو كفر في كثير منها، كما وقع ذلك في "فصوص الحكم" و"الفتوحات المكية" وغيرهما، لكنهم جارون على اصطلاحهم ستراً له عن دعاة الباطل، وإلا فهم على الحق المبرأ عن وصمة الحلول والاتحاد وغيرهما من الوصمات التي نسبها إليهم من لم يحط بحقيقة أحوالهم، أو التي يعتقدها عن حقيقة طريقهم فنسبها إليهم زعماً أنه متأس بهم، حاشاهم الله من ذلك.