للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقه تفضي به إلى قبح المآل، فكيف إذا كان ذلك في الأمور العظيمة التي هي من محن الأنبياء والصديقين، وفيها تثبيت أصول الدين، وحفظه الإيمان والقرآن من كيد أهل النفاق والإلحاد والبهتان، فالحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لكرم وجهه، وعز سلطانه وجلاله، والله المسؤول أن يثبتكم وسائر المؤمنين في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ويتم نعمته عليكم الباطنة والظاهرة، وينصر دينه وكتابه ورسوله وعباده المؤمنين على الكافرين والمنافقين، الذين أمرنا بجهادهم والإغلاظ عليهم في كتابه المبين، انتهى كلامه.

وبه يعلم أن ما صادفه الشيخ من الأذى والمصائب في ذات الله مما يستوجب رفعة شأنه لا القدح فيه كما زعمه الزائغ.

الوجه التاسع: مما يرد على ما قاله النبهاني في هذا المقام أن قوله إن الله لم يقدر الانتفاع بعلم ابن تيمية وكتبه كالانتفاع بعلم ابن حجر وكتبه، وإن كتب ابن تيمية بقيت في زوايا الإهمال إلخ -ممنوع، بل هو يشبه كلام الصبيان والأطفال، وقد تكرر منه مثل هذا الكلام مراراً وأجبنا عنه بما يشفي صدور المؤمنين، ونقول هنا أيضاً: بلى إن الله تعالى قدر- وله الحمد- الانتفاع بعلمه وبكتبه في كل عصر، وأودع فيها البركة، حيث أنها تشرح صدور مطالعيها وتنور قلوبهم، بسبب ما اشتملت عليه من العلوم النبوية والوحي المنزل، وهي شفاء لصدور المؤمنين، وهي لأعين المبتدعين عمي، ولا زال أهل مذهبه يستفيدون منها، وكذلك المنصفون من سائر المذاهب، والشيخ- قدس الله روحه- لم يضمن في مصنفاته أن يفقه كلامه ميت القلب، جامد الذهن، فاسد القريحة، ولسان حاله يقول:

عليّ نحت القوافي من معادنها ... وما عليّ إذا لم تفهم البقر

بل ولا ضمن الله تعالى لهذا النوع أن يفقهوا عنه وعن رسله ما جاؤوا به من الهدى، وينتفعوا بما جاؤوا به من البينات ودين الحق والحجة والشفاء، قال

<<  <  ج: ص:  >  >>