للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً} ١ وقال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ * وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ} ٢ وما أحسن ما قيل:

فيا لك من آيات حق لو اهتدى ... بهن مريد الحق كن هواديا

سورة ولكن على تلك القلوب أكنة ... فليست وإن أصغت تجيب المناديا

وقال تعالى: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} ٣.

وأما كتب ابن حجر التي فرح بها هذا الزائغ فإنها لا تصلح عند من له بصيرة ونظر لغير العطار والإسكاف، فهي إما مزاود للعقاقير، وإما بطائن للخفاف، حيث أنها قشور لا لب فيها، وهكذا كتب السبكي وابنه، وفي المثل: "رمتني بدائها وانسلَّت".

ونقول ثانياً: إنا لو سلمنا ما زعمه الزائغ أنها بقيت في زوايا الإهمال إلى آخر ما قال؛ فأي ضرر وعيب يلحقها؟

ولا يخل مثل ذلك بشأنها:

ليس الخمول بعار ... على امرىء ذي كمال

فليلة القدر تخفى ... وتلك خير الليالي

وفضل العلم أشهر من أن ينبه عليه، وأظهر من أن يشار إليه، ولا ينقص من أمره فقدان العارفين بقدره، فلا يسلب الدرة النفيسة ثوب النفاسة جهل الفحام بها وإلقاؤه إياها على الكناسة، وقد كان الله تعالى وهو القديم جل علاه كنزاً مخفياً أي لا عارف به سواه، فهل نقص ذلك من جلاله شيئاً؟ لا والله، فالله قبل العالم، والعالم وبعدهما لم يتفاوت جلاله وعلاه، وهذا مجمل ما قال بعض ذوي


١ سورة الكهف: ٥٧.
٢ سورة يس: ٨- ٩.
٣ سورة الأنفال: ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>