ثم إن هذا الزائغ لو سئل عن كتب إمامه أين بقيت فماذا يجيب وهو يعلم علماً يقيناً أن كتاب (هز القحوف شرح قصيدة أبي شادوف) قد انتشرت نسخة في البلاد والأقطار انتشاراً لم يتفق مثله لكتب إمامه، ولو استقريت خزائن الكتب ما وجدت من كتاب (الأم) إلا نسختين أو ثلاث نسخ، ربما لم تكن سالمة من الخروم، وأكل الأرضة، ولو لم تسمح المطابع المصرية بطبعها لم يرها هذا الزائغ حتى يلج الجمل في سم الخياط، أفيقال إن الله لم يقدر الانتفاع بها وقدر الانتفاع بكتاب (هز القحوف) ونحوه.
ونسأله أين بقيت كتب الشافعي وأصحابه المتقدمين؟ وأين كتب المجتهدين كالمذاهب الأربعة وغيرهم، وكتب أصحابهم؟ وأين كتب الأندلسيين وقد كان منها في خزانة كتب الناصر لدين الله ما بلغ أسماؤها أربعين مجلداً؟ وأين الكتب التي كانت في خزائن العباسيين وخزائن مدارس بغداد؟ وأين كتب المدرسة النظامية؟ وأين كتب المدرسة المستنصرية؟ وأين الكتب المذكورة في تراجم مصنفيها مما لا يستوعبها البيان ولا يستقصيها اللسان؟
أفيقال إن مصنفي هذه الكتب كانوا أهل بدعة فلم يقدر الله الانتفاع بها بل بقيت في زوايا الإهمال أو أنها تلفت، وإن كتب ابن حجر هي كنوز السعادة فلذلك ترى الناس يتداولونها؟ لا أرى من يقول بذلك إلا من أصيب بعقله، وتاه في بيداء جهله، بل لا أرى حرمان المسلمين من كتب المتقدمين إلا من جملة مصائبهم ونوائبهم، ولذلك كثر الجهل في بلاد المسلمين لسوء عملهم، ونقصان تربيتهم وتعلمهم، وقصور كتبهم المتداولة، وأن غالبها كتب الأعاجم.
ونقول ثالثاً: إن كتب الشيخ بحمد الله محفوظة عند أهلها من أهل الحديث وناصري السنة، وأتباع الإمام أحمد نضر الله وجهه في الهند وبلاد نجد ومصر والشام والعراق، وهذه هي الكتب التي لا نظير لها، وأنها مما يتنافس بها المتنافسون فليت شعري أي كتاب فقد منها ولم يوجد منه نسخ كثيرة، وليت هذا