للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزائغ راجع دفاتر خزائن دار السلطنة المحروسة، ودفاتر خزائن كتب مصر الخديوية وغيرها، وخزائن كتب الشام والعراق والهند وغير ذلك، حتى لا يهذي ذلك الهذيان، وأظنه رأى بياضاً في مواضع من كتاب (المنهاج) وكتاب (العقل والنقل) فقال ما قال، مع أن عدداً كثيراً من كتاب (المنهاج) في خزائن كتب دار السعادة وكلها بأحسن خط وأتقن ضبط، وفي الهند ونجد مثل ذلك، وكتاب (العقل والنقل) أيضاً كذلك، وفي خزانة راغب باشا في قسطنطينية المحروسة نسخة منه، يظن أنها بخط مؤلفها، وهي نسخة تامة كاملة لا نقص فيها.

والذي طبع كتاب (المنهاج) وما في الحاشية لم يتيسر له سوى ما طبع عليها، وإني أبشّر جناب الشيخ النبهاني أن كتب الشيخ تقي الدين وأصحابه ستستوعبها المطابع المصرية والهندية ولا يبقى منها شيء في زوايا الإهمال كما زعم، وحينئذ يرغم أنفه١.

ونقول رابعاً: إن انتشار الكتب وتداولها بين الأيدي لا تعلق له ببدعة ولا سنة فكم قد رأينا كتاباً، مشحوناً بالبدع ومصنفه من شيوخ المبتدعة ومع ذلك قد انتشر أكثر من انتشار كثير من كتب السنة، هذا (الكشاف) الذي صنفه الزمخشري وحاله معلوم في الاعتزال وتفسيره مشحون ببدع المعتزلة وآرائهم ومع ذلك قد انتشر انتشاراً لم يعهد مثله لتفسير آخر، والناس يستفيدون منه وينقلون عنه من عصر مصنفه إلى يومنا هذا، والمفسرون الذين بعده كلهم عيال عليه، فأي تأثير للبدعة في انتشار الكتب وعدم انتشارها.

وهذا كتاب (المفتاح) للسكاكي المعتزلي لم يزل أهل العلم يستفيدون من فوائده ويقرؤونه من عصر مصنفه إلى الآن، وقد عمت بركته القاصي والداني، وفيه من نزغات المعتزلة وبدعهم ما فيه ولم يصادم ذلك انتشاره.


١ وقد طبعت الآن في هذا العصر جل كتبه، عدة طبعات، وحققها الكثير من العلماء وطلبة العلم والأساتذة المختصين، بل إن الكتاب الواحد يطبع عشرات- إن لم نقل مئات الطبعات في عدة مطابع.

<<  <  ج: ص:  >  >>