وهذه كتب الماوردي، وهو إمام من أئمة الشافعية، وكان على طريقة أهل الاعتزال، وكتبه عم النفع بها وكثرت بركتها، فهلا اقتضت بدعة مصنفها بقاءها في زوايا الخمول؟ وهكذا كتب الروافض، والزيدية، والقدرية، والظاهرية، وكتب الجاحظ المعتزلي الشهير، وغيرها مما ليس هذا المقام مقام استقصائه. والمقصود؛ أن كلام النبهاني في حق كتب الشيخ تقي الدين لا وجه له، بل هو دليل على جهله، وتعصبه للباطل، واتباعه لهواه، وإن قوله هذا لا يصدر عن طفل مبتدىء في العلم، ولكن الله تعالى سبحانه فضحه بسبب تطاوله على خير عالم في الزمان الأخير، ولم يلتفت إلى ما هو فيه من المسلك والحال الذي ينبغي أن يرثي له من يشفق عليه، وباقي كلامه من هذا القبيل، فلا نتعب البنان بالتطويل.
وأعقب كلامه هذا بكلام ذكر فيه التحذير من موافقة ابن تيمية، ثم أعقبه بكلام ذكر فيه أنه ينبغي حمل أقوال هؤلاء من الجانبين على حسن النية، وبقي يخبط خبط عشواء فهو (كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً) ، وكل ذلك باد عواره لأقل من له بصيرة ونظر، على أنه قد تكرر منا إبطاله، والله ولي الهداية والتوفيق.
قال النبهاني عامله الله بعدله: الباب السادس: في نقل حكايات وآثار وردت عن العلماء والصالحين في الفوائد التي حصلت لهم من الاستغاثة بسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، قال: أخذت ذلك مما نقله الثقات، وذكره الأئمة الثلاثة الأثبات، أبو عبد الله بن النعمان الفاسي في كتابه "مصباح الظلام"، والقسطلاني في كتابه "المواهب اللدنية"، ونور الدين الحلبي في كتابه "بغية الأحلام"، وغيرهم، وذكر في الفصل الأول من هذا الباب من استغاث به صلى الله عليه وسلم للمغفرة وغيرها، وذكر فيه قصة الأعرابي الذي قال:
يا خير من دفنت في القاع أعظمه ... فطاب من طيبهن القاع والأكم