للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر قصصاً أخرى من هذا القبيل. وذكر في الفصل الثاني من استغاث به صلى الله عليه وسلم من الأسرى ونحوهم ممن انقطع في البراري والبحار، أو وقع في غير ذلك من الشدائد والأسقام، وما أشبه ذلك من خوارق عاداته بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، وذكر في هذا الفصل حكايات كثيرة عن أناس استغاثوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في حاجات كثيرة، فقضيت لهم، وكذلك استغاثوا ببعض الصالحين فحصل مقصودهم، ونقل عن الشيخ أحمد الرفاعي أنه قال: من كان له حاجة فليستقبل عبادان نحو قبري ويمشي سبع خطوات ويستغيث بي فإن حاجته تقضى. إلى غير ذلك من الخرافات التي يستقل لديها ما كان المشركون يفعلونه مع أصنامهم.

والجواب عن ذلك كله ما ذكره شيخ الإسلام تقي الدين قدس الله روحه في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أهل الجحيم) بعد أن ذكر نحو تلك الشبه والحكايات عمن استدل بها من الغلاة، قال رحمه الله: "إنما يضع مثل هذه الحكايات من يقل علمه ودينه، وأما أن يكون المنقول من هذه الحكايات عن مجهول لا يعرف ونحن لو روي لنا مثل هذه الحكايات المسيبة أحاديث عمن لا ينطق عن الهوى لما جاز التمسك بها حتى تثبت، فكيف بالمنقول عن غيره؟ ومنها ما قد يكون صاحبه قاله أو فعله باجتهاد يخطىء أو يصيب، أو قاله بقيود وشروط كثيرة على وجه لا محذور فيه فحرف النقل عنه، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أذن في زيارة القبور بعد النهي فهم المبطلون أن ذلك هو الزيارة التي يفعلونها، من حجها للصلاة عندها والاستغاثة بها، ثم سائر هذه الحجج دائرة بين نقل يجوز إثبات الشرع به أو قياس لا يجوز استحباب العبادات بمثله، مع العلم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يشرعها، وتركه مع قيام المقتضي للفعل بمنزلة فعله، وإنما يثبت العبادات بمثل هذه الحكايات والمقاييس- من غير نقل عن الأنبياء- النصارى وأمثالهم، وإنما المتبع في إثبات أحكام الله عز وجل كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وسبيل السابقين الأولين، لا يجوز إثبات حكم شرعي بدون هذه الأصول الثلاثة نصاً أو استنباطاً بحال.

قال: والجواب عنها من وجهين مجمل ومفصل:

<<  <  ج: ص:  >  >>