للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن الأزرق أخذ عليه فيه تكفيره للقعدة مع أن الله عذرهم بقوله: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} ١، وأنكر عليه أيضاً: استباحته قتل الأطفال لنهي النبي عليه الصلاة والسلام عن ذلك، ولقوله تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ٢.

وتبودلت الكتب بين نجدة ونافع، ولكن لم يقنع أحدهما الآخر٣ ومن الآراء التي عارض بها نجدة آراء نافع إجازته "التقية" واحتج بقوله تعالى: {إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} ٤، وبقوله تعالى: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} ٥، ومن ثم أجاز القعود، ولكن الجهاد إذا أمكن فهو أفضل لقوله تعالى: {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً} ٦.

وذهب النجدات إلى أن الدين أمران:

أحدهما: معرفة الله تعالى ومعرفة رسله عليهم الصلاة والسلام وتحريم دماء المسلمين٧ ـ والإقرار بما جاء من عند الله جملة فهذا واجب على الجميع والجهل به لا يعذر فيه.

والثاني: ما سوى ذلك فالناس معذورون فيه، إلى أن تقوم عليهم الحجة في الحلال والحرام، وتدين النجدات بمبدأ العذر بالجهل في أحكام الفروع حتى سموا "بالعاذرية"٨، والذي دعاهم إلى ذلك أن جماعة منهم على رأسهم ابن


١ـ سورة التوبة آية/٩١.
٢ـ سورة الزمر آية/٧.
٣ـ انظر الكامل للمبرد ٢/٢٠٩-٢١٢، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٤/١٣٧-١٣٩.
٤ـ سورة آل عمران آية/٢٨.
٥ـ سورة غافر آية/٢٨.
٦ـ الملل والنحل للشهرستاني ١/١٢٥ والآية رقم ٩٥ من سورة النساء.
٧ـ المقصود بالمسلمين عندهم الموافقون لهم في مذهبهم.
٨ـ الملل والنحل للشهرستاني ١/١٢٤، وانظر الفرق بين الفرق ص/٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>