للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نجدة نفسه بعث بهم إلى أهل القطيف فأصابوا غنائم وسبايا ـ على حد زعمهم ـ فأباحوا لأنفسهم نكاح السبايا قبل إخراج الخمس منها، وقالوا: إن خرجت من نصيبنا فبها، وإلا دفعنا من أموالنا مقابلها، ولما بلغ الأمر نجدة وأصحابه اختلفوا، فبعضهم اعتذر لمن قاموا به والبعض الآخر أنكره، وكان نجدة مع الذين عذروا هؤلاء لجهلهم بحكم الله"١، هكذا صار الجهل بالحكم عند طائفة من النجدات عذراً.

وقد اختلف النجدات مع زعيمهم نجدة بن عامر الحنفي، ونقموا عليه عدة أمور من بينها تعطيله حد الخمر، وعدم عدله في قسم الفيء وتفريقه الأموال بين الأغنياء من أتباعه وحرمانه ذوي الحاجة منهم، ومكاتبته عبد الملك بن مروان، ويقال: إنه لما أحدث هذه الأحداث وعذر أتباعه بالجهالات استتابه أكثر أتباعه وطلبوا منه أن يعلن توبته في المسجد، ففعل ذلك فندمت طائفة منهم على استتابته، وانضموا إلى العاذرين، وقالوا: إنه الإمام وله حق الاجتهاد ولا يجوز استتابته، وطلبوا منه أن يتوب من توبته، فاختلف أصحابه أيضاً: فكفرته طائفة لخلعه نفسه وكان من أشدهم عليه أبو فديك٢ الذي يقال: إنه وثب على نجدة فقتله، وبويع له بالإمامة، فأنكر أصحاب نجدة تصرف أبي فديك فتبرؤوا منه وتولوا نجدة وكتب أبو فديك إلى عطية بن الأسود الحنفي٣ يخبره بما اكتشفه من ضلال نجدة وقتله إياه، وأنه أحق بالخلافة منه، فكتب عطية إلى أبي فديك وطلب منه أن يأخذ له البيعة ممن قبله فأبى ذلك أبو فديك فبريء كل واحد منهما من صاحبه، وصارت الدار لأبي فديك وتبعه بعض النجدات


١ـ انظر مقالات الإسلاميين ١/١٧٥، الفرق بين الفرق ص/٨٩، الملل والنحل للشهرستاني ١/١٢٣.
٢ـ اسمه عبد الله بن ثور، زعيم فرقة الفدكية من الخوارج، انظر مقالات الإسلاميين ١/١٨٢، الفرق بين الفرق ص/٨٨.
٣ـ زعيم فرقة العطوية من الخوارج، انظر مقالات الإسلاميين ١/١٧٦، الفرق بين الفرق ص/٨٨، وانظر اللباب في تهذيب الأنساب ٢/٣٤٧، التبصير في الدين ص/٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>