للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد روى الإمام أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه بإسنادهما إلى أنس قال: شق على الأنصار النواضح١ فاجتمعوا عند النبي صلى الله عليه وسلم يسألونه أن يكري٢ لهم نهراً سيحاً فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مرحباً بالأنصار والله لا تسألوني اليوم شيئاً إلا أعطيتكموه ولا أسأل الله لكم شيئاً إلا أعطانيه" فقال بعضهم لبعض: اغتنموها واطلبوا المغفرة فقالوا: يا رسول الله ادع الله لنا بالمغفرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار" ٣.

فهذا الحديث فيه بيان أن الأنصار عزموا على أن يطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم نهراً جارياً يحفرونه ويخرجون طينه، فلما قال لهم: لا تسألوني اليوم شيئاً إلا أعطيتكموه" عدلوا عن طلب النهر واغتنموا الفرصة وطلبوا المغفرة لأن النهر من متاع الدنيا الفانية والمغفرة فيها متاع الآخرة الباقية فآثروا ما يبقى على ما يفنى وهذا من قوة إيمانهم وزهدهم في الدنيا رضي الله عنهم وأرضاهم٤ وفي هذا منقبة عظيمة وفضيلة كريمة للأنصار رضي الله عنهم وأرضاهم.

١١- ومن مناقبهم رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرهم أن جزاءهم على إيوائهم إياه ونصرهم له ووفائهم بما بايعوه عليه من الأمور التي فيها عز الإسلام والمسلمين الجنة التي عرضها السموات والأرض. فقد روى أبو عبد الله الحاكم بإسناده إلى جابر بن عبد الله الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم لبث عشر سنين يتبع الناس في منازلهم في الموسم ومجنة٥...........


١ـ النضح نقل الماء من الآبار على النواضح أي: الإبل لسقي الزرع. انظر النهاية في غريب الحديث ٥/٦٩.
٢ـ من كريت الأرض وكروتها إذا حفرتها. انظر: النهاية في غريب الحديث ٤/١٦٩.
٣ـ المسند ٣/١٣٩، المستدرك ٤/٨٠ وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد رواه أحمد والبزار بنحوه.. وأحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح ١٠/٤٠.
٤ـ انظر الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد ٢٢/١٧٢.
٥ـ مجنة: اسم سوق للعرب كان في الجاهلية ... وكانت مجنة بمر الظهران قرب جبل يقال له الأصفر وهو بأسفل على قدر بريد منها. معجم البلدان لياقوت الحموي ٥/٥٨-٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>