للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البغدادي على فرقة الخازمية١ من الخوارج وهو رد صارم على كل من كفر طلحة والزبير وعلياً وعثمان رضي الله عنهم أجمعين، فقد قال رحمه الله: "إن الخازمية خالفوا أكثر الخوارج في الولاية والعداوة وقالوا: إنهما صفتان لله تعالى وأن الله ـ عز وجل ـ إنما يتولى العبد الصالح على ما هو صائر إليه من الإيمان وإن كان في أكثر عمره كافراً ويرى منه ما يصير إليه من الكفر في آخر عمره وإن كان في أكثر عمره مؤمناً وإن الله تعالى لم يزل محباً لأوليائه ومبغضاً لأعدائه وهذا القول منهم موافق لقول أهل السنة في الموافاة غير أن أهل السنة ألزموا الخازمية على قولها بالموافاة أن يكون علي وطلحة والزبير وعثمان من أهل الجنة لأنهم أهل بيعة الرضوان الذي قال الله تعالى فيهم: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} ، وقالوا لهم إذا كان الرضا من الله تعالى عن العبد إنما يكون عن علمه أنه يموت على الإيمان وجب أن يكون المبايعون تحت الشجرة على هذه الصفة وكان علي وطلحة والزبير منهم، وكان عثمان يومئذ أسيراً، فبايع له النبي عليه السلام وجعل يده بدلاً عن يده وصح بهذا بطلان قول من أكفر هؤلاء الأربعة٢.

فإخبار الله تعالى بأنه رضي عن الصحابة ورضوا عنه، وإخباره بأنه أعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار وتبشيره لهم برحمته وضوانه وأن لهم النعيم المقيم في الجنات من أعظم الأدلة الدالة على بطلان تكفير الخوارج لهم وأنهم أهل جهل وضلالة وأنهم باعتقادهم هذا سلكوا سبيل الشيطان وتركوا سبيل الرحمن إذ يبعد أن يعلن الله رضاه على قوم ويقضي لهم بالخلود في الجنة وقد سبق في علمه أنهم سيكفرون ما يعتقد هذا إلا من أصيب بالزيغ والخذلان ومكذب بآيات القرآن.


١ـ الخازمية أتباع رجل يدعى خازم بن علي، انظر ما جاء في شأن فرقة الخازمية، مقالات الإسلاميين ١/١٧٩، التبصير في الدين ص/٥٥، الفرق بين الفرق ص/٩٤-٩٥، الملل والنحل للشهرستاني ١/١٣١.
٢ـ الفرق بين الفرق ص/٩٤-٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>