للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر الرابع: أن الكفر بعيد الوقوع من قوم أخبر الله جل وعلا أنه بغّض إليهم الكفر والفسوق والعصيان وجعلهم راشدين.

قال تعالى: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ١.

وقال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} ٢.

فعند التأمل لهاتين الآيتين نجد في الآية الأولى أن الله تعالى أخبر بأن الكفر بعيد الوقوع من جيل الصحابة الكرام رضي الله عنهم حيث رباهم الله تربية فريدة لأنه أهّلهم لحمل أمانة دين الإسلام حيث يقومون بتبليغ دعوة خاتم المرسلين إلى من بعدهم من الأمة المحمدية، وقد فعلوا ذلك وقاموا به أتم قيام.

وأما الآية الثانية: فقد أخبر تعالى فيها أنه جعل الإيمان أحب الأشياء إليهم فلا يقع منهم إلا ما يوافقه ويقتضيه من الأمور الصالحة، فاستحقوا بذلك أن يكونوا هم الراشدين، كما نطقت بذلك الآية الكريمة.

فكيف يكفر أولئك الخيرة على زعم الرافضة والخوارج المارقة وعليهم تتلى آيات الله وفيهم رسوله؟، بل كيف يكفرون وقد كره الله إليهم الكفر وجعلهم راشدين؟، فلقد زاغ الخوارج الجهلاء بزعمهم كفر عثمان وعلي وطلحة والزبير وابن عباس وعائشة وعمرو بن العاص وابي موسى الأشعري ومعاوية وأصحاب الجمل وصفين من الصحابة الكرام رضي الله عنهم وليس هناك من تفسير لتكفيرهم هؤلاء الأخيار إلا التكذيب بالقرآن الذي أخبرنا الله فيه أنه وعد جميع الصحابة بالحسنى، حيث قال جل وعلا: {لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ


١ـ سورة آل عمران آية/١٠١.
٢ـ سورة الحجرات آية/٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>