للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفاجر المنافق، وكانت له سيرة في الإسلام هادية لم يتسبب في سفك دم، جاءت فيه آثار صحاح ن الملائكة تستحي منه، وأنه ومن اتبعه على الحق وقد حظي رضي الله عنه بموالاة صالح المؤمنين ومحبتهم له إلى قيام الساعة لم يبرؤوا منه كما زعم هذا الخارجي، ولم يبرأ منه أو يذمه إلا من سفه نفسه، وكل من ابتلي بذم الصحابة أو تنصهم إنما ذلك لهوانه على الله وهذه حال الرافضة والخوارج المارقة.

وأما طعنهم في علي رضي الله عنه على الخصوص فإن المحكمة الأولى لما انفصلوا عن جماعة المسلمين وانحازوا إلى حروراء انتحلوا أموراً نقموا عليه بها، وخطؤوه من أجلها، ولما علم رضي الله عنه أنهم بعد انحيازهم عنه ينقمون عليه أشياء تلطف معهم، وحاول أن يقنعهم بالرجوع إلى الصواب، فبعث إليهم ابن عباس رضي الله عنه لمناظرته، ولما انتهى إليهم ابن عباس سألهم عن الأسباب التي دفعت بهم إلى مفارقة معسكر الخليفة ردوا عليه بأنهم نقموا عليه ثلاثة أمور هي:

الأول: أنه بقبوله "التحكيم" قد حكم الرجال في أمر الله الذي يقول عنه تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ} ١، فأخطأ بهذا وكان ينبغي أن يستمر في مقاتلة أهل الشام حتى يظهر أمر الله.

الأمر الثاني: أنه قاتل أصحاب "الجمل" وقتلهم وفي نفس الوقت لم يسبهم ولم يأخذ غنائمهم، بل إنه نهى عن قتل مدبرهم والإجهاز على جريحهم وغنيمة أموالهم وذراريهم وقالوا: "إنه ليس في كتاب الله إلا مؤمن أو كافر، فإن كان هؤلاء مؤمنين لم يحل قتالهم، وإن كانوا كفاراً أبيحت دماؤهم وأموالهم.

الأمر الثالث: أنه بقبوله "التحكيم" قد محا نفسه من إمرة المؤمنين وفي رأيهم الفاسد أنه إن لم يكن أميراً للمؤمنين فإنه أمير الكافرين وقد بين لهم ابن


١ـ سورة يوسف آية/٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>