للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عباس خطأهم في هذه الآراء، وأنهم لم يستنبطوا بهذه الأمور إلا الباطل وليس الحق.

وقد روى ابن عباس نص حديثه ومحاورته الخوارج بنفسه، فقد جاء عنه رضي الله عنه أنه قال: "لما اجتمعت الحرورية يخرجون على علي، قال: جعل يأتيه الرجل فيقول يا أمير المؤمنين القوم خارجون عليك، قال: دعوهم حتى يخرجوا، فلما كان ذات يوم قلت: يا أمير المؤمنين أبرد بالصلاة فلا تفتني حتى آتي القوم قال: فدخلت عليهم وهم قائلون فإذا هم مسهمة١ وجوههم من السهر، وقد أثر السجود في جباهم كأن أيديهم ثفن٢ الإبل عليهم قمص مرحضة فقالوا: ما جاء بك يا ابن عباس، وما هذه الحلة عليك؟، قال: قلت: ما تعيبون مني فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن ما يكون من ثياب اليمنية، قال: ثم قرأت هذه الآية {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} ٣، فقالوا: ما جاء بك؟ فقال: جئتكم من عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس فيكم منهم أحد، ومن عند ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليهم نزل القرآن وهم أعلم بتأويله، جئت لأبلغكم عنهم وأبلغهم عنكم، قال بعضهم لا تخاصموا قريشاً فإن الله يقول: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} ٤، فقال بعضهم: بلى فلنكلمنه قال: فكلمني منهم رجلان أو ثلاثة، قال: قلت ماذا نقمتم عليه؟، قالوا: ثلاثاً، قلت: ما هن؟، قالوا: حكم الرجال في أمر الله، وقال الله {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ} ، قال: فقلت هذه واحدة، وماذا أيضاً، قالوا: فإنه قاتل ولم يسب ولم يغنم فلئن كانوا مؤمنين ما حل قتالهم،


١ـ مسهمة: يقال لونه يسهم: إذا تغير عن حاله لعارض. النهاية في غريب الحديث ٢/٢٢٩.
٢ـ جمع ثفنة بكسر الفاء ما ولي الأرض من كل ذات أربع إذا بركت كالركبتين وغيرهما أي: غلظت جلود أكفهم لطول السجود، النهاية في غريب الحديث ١/٢١٥-٢١٦.
٣ـ سورة الأعراف آية/٣٢.
٤ـ سورة الزخرف آية/٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>