للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الخوارج شيئاً؟، قال: سمعته يقول ـ وأهوى بيده قبل العراق: "يخرج منه قوم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية" ١.

ففي هذه الثلاثة الأحاديث ذم واضح لفرقة الخوارج، فقد وصفهم صلى الله عليه وسلم بأنهم طائفة مارقة، وأنهم يشددون في الدين في غير موضع التشديد، وأنهم يبالغون في الصلاة وقراءة القرآن لكنهم لا يقومون بحقوق الإسلام، بل يمرقون منه بحيث يدخلون فيه ثم يخرجون منه سريعاً لم يتمسكوا منه بشيء، كما اشتمل الحديث الأول في هذه الثلاثة الأحاديث أنهم يقاتلون أهل الحق، وأن أهل الحق يقاتلونهم وأن فيهم رجلاً صفة يدة كذا وكذا، وكل هذا وقع وحصل كما أخبر به صلى الله عليه وسلم وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يجاوز تراقيهم" احتمالان:

الأول: يحتمل أنه لكونه لا تفقهه قلوبهم ويحملونه على غير المراد به.

الثاني: يحتمل أن يكون المراد أن تلاوتهم لا ترتفع إلى الله٢.

ومن صفاتهم الذميمية التي ذمهم بها الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم ليس لهم من الإيمان إلا مجرد النطق به، وأنهم أصحاب عقول رديئة وضعيفة، وأنهم عندما يقرءون القرآن يظنونه لشدة ما بلغوا إليه من سوء الفهم أنه لهم وهو عليهم.

فقد روى البخاري رحمه الله من حديث علي رضي الله عنه، أنه قال: إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً فوالله لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه، وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سيخرج قوم في أخر الزمان٣ أحداث


١ـ صحيح البخاري ٤/١٩٨، وانظر صحيح مسلم ٢/٧٥٠.
٢ـ فتح الباري: ٦/٦١٨، وانظر ما قاله القاضي عياض في شرح النووي ٧/١٥٩.
٣ـ قال الحافظ ابن حجر: المراد بآخر الزمان زمان خلافة النبوة فإن في حديث سفينة المخرج في السنن وصحيح ابن حبان وغيره مرفوعاً "الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم تصير ملكاً" وكانت قصة =

<<  <  ج: ص:  >  >>