للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في دنياه وآخرته، وقد يخطر على بال إنسان فيقول: إن الله ـ جل وعلا ـ قد أخبر أن في أهل أحد من يريد الدنيا وذلك بقوله في الآية: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا} ويجاب عن هذا أن ذلك لا يقدح في حقيقة إيمانهم دل على هذا تمام الآية فقد أخبر ـ تعالى ـ أنه قد عفا عنهم وبين أن ذلك العفو كان فضلا منه تعالى تفضل به عليهم بسبب إيمانهم قال تعالى في ختام الآية: {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} وهذا من تمام نعمه ـ جل وعلا ـ على عباده المؤمنين حيث نصرهم أولا في وقعة أحد، ثم عفا عن المخطئين بترك مقاعدهم التي أمرهم الرسول بلزومها وعدم تركها ثانياً لأنه تعالى دو الفضل والطول والإحسان١ روى ابن جرير بإسناده إلى ابن إسحاق أنه قال: {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} يقول: وكذلك منَّ الله على المؤمنين أن عاقبهم ببعض الذنوب في عاجل الدنيا أدباً وموعظة فإنه غير مستأصل لكل ما فيهم من الحق له عليهم لما أصابوا من معصيته رحمة لهم وعائدة عليهم لما فيهم من الإيمان"أ. هـ٢.

٤- قال تعالى مادحاً أهل أحد عندما ندبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لتعقب جيش الشرك الذي جاء إلى أحد بقيادة أبي سفيان بعد انتهاء معركة أحد: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} ٣.

هذه الآيات اشتملت على مدح عظيم للصحابة رضي الله عنهم الذين


١ـ انظر: جامع البيان للطبري ٤/١٣٢-١٣٤، تفسير البغوي على الخازن ١/٣٦٣، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٤/٢٣٧، تفسير القرآن العظيم ٢/١٢٧، تفسير روح المعاني للألوسي ٤/٩٠.
٢ـ جامع البيان ٤/١٣٢.
٣ـ سورة آل عمران آية/١٧٢-١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>