حضروا مع النبي صلى الله عليه وسلم واقعة أحد فقد مدحهم الله ـ تعالى ـ بالاستجابة لله والرسول حينما ندبهم صلى الله عليه وسلم لتعقب أبي سفيان في اليوم الثاني من غزوة أحد وقد أجابوا الدعوة ولبوا النداء وأتوا بالمطلوب منهم على أكمل وجه واتقوا عاقبة تقصيرهم على ما هم عليه من جراح وآلام أصابتهم، وقد وعد تعالى المحسنين المتقين منهم بالثواب العظيم وقد فعلوا رضي الله عنهم ما وعدهم الثواب عليه، كما أثنى عليهم ـ تبارك وتعالى ـ بقوة الإيمان وزيادته والصبر على البلاء وتفويضهم كل الأمور باللجأ إلى الله تعالى، كما أخبر ـ تعالى ـ أنه أكرمهم بأن انقلبوا إلى أهليهم وقد تظاهرت عليهم نعم الله فسلموا من تدبير عدوهم وأطاعوا رسولهم وفازوا بالأجر الكريم، ولم يمسسهم قتل ولا أذى، كما أثنى عليهم تعالى، بأنهم اتبعوا في كل ما أوتوا من قول أو قول أو فعل رضى الله الذي هو وسيلة النجاة والسعادة في الدنيا والآخرة، فأطاعوا رسوله في كل ما به أمر، وعنه نهى، وقد بين ـ تعالى ـ أنه تفضل عليهم بزيادة الإيمان، والتوفيق إلى المبادرة إلى الجهاد، والجراءة على العدو وحفظهم من كل ما يسوؤهم وقد اتفق العلماء أن المراد بالذين استجابوا لله والرسول في قوله:{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} هم المهاجرون والأنصار الذين حضروا معه صلى الله عليه وسلم وقعة أحد، قال العلامة ابن جرير رحمه الله تعالى بعد قوله عز وجل:{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} الآية: "يعني بذلك جل ثناؤه: وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين المستجيبين لله والرسول من بعد ما أصابهم الجراح والكلوم، وإنما عنى الله ـ تعالى ـ ذكره بذلك الذين اتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حمراء الأسد في طلب العدو أبي سفيان ومن كان معهم من مشركي قريش منصرفهم من أحد وذلك أن أبا سفيان لما انصرف عن أحد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثره حتى بلغ حمراء الأسد وهي على ثمانية أميال من المدينة ليرى الناس أن به وأصحابه قوة على عدوهم"١.