للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو سليمان الخطابي بعد حديث ابن عمر: "كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحداً، ثم عمر، ثم عثمان رضي الله عنهم، ثم نترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم" وجه ذلك والله أعلم أنه أراد به الشيوخ الذين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر شاورهم فيه، وكان عليّ رضوان الله عليه في زمان رسول الله حديث السن ولم يرد ابن عمر الإزراء بعلي ـ رضي الله عنه ـ ولا تأخيره ودفعه على الفضيلة بعد عثمان وفضله مشهور لا ينكره ابن عمر ولا غيره من الصحابة"أ. هـ١.

فقول ابن عمر: "ثم نترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نفاضل بينهم" لا يلزم منه أنهم تركوا التفاضل حينذاك ولا يلزم منه أن لا يكونوا اعتقدوا بعد ذلك تفضيل علي على من سواه"٢.

فالحديث دل على أن أبا بكر أفضل الخلق بعد الرسول صلى الله عليه وسلم كما هو مذهب أهل السنة والجماعة:

١٢- وروى أيضاً: بإسناده إلى أبي الدرداء رضي الله عنه قال: كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر آخذاً بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبتيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما صاحبكم فقد غامر فسلم" وقال: يا رسول الله إنه كان بيني وبين ابن الخطاب شيء فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى علي فأقبلت إليك فقال: "يغفر الله لك يا أبا بكر ثلاثاً" ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل: أثم أبو بكر فقالوا: لا، فأتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعر٣ حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال: يا رسول الله والله أنا كنت أظلم مرتين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله بعثني إليكم فقلتم: كذبت وقال أبو بكر: صدق وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركوا لي صاحبي" مرتين فما أوذي بعدها٤. هذا


١ـ معالم السنن ٤/٣٠٢.
٢ـ انظر: فتح الباري ٧/١٧.
٣ـ قال في النهاية ٤/٣٤٢: "فتمعر وجهه" أي: تغير وأصله قلة النضارة وعدم إشراق اللون"أهـ.
٤ـ صحيح البخاري ٢/٢٨٩-٢٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>