للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعاذنا الله منه.

وقد فهم متقدموا أهل السنة والجماعة ومتأخروهم أن المراد من الآية السابقة الأمر بالدعاء والاستغفار من اللاحق للسابق، ومن الخلف للسلف، الذين هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإليك طائفة من أقوالهم التي دلت على عمق معرفتهم بما دل عليه كتاب ربهم جل وعلا:

١- روى الإمام مسلم بإسناده إلى هشام بن عروة عن أبيه قال: قالت لي عائشة: "يا ابن أختي أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسبوهم"١.

٢- وعند ابن أبي شيبة بلفظ: "أمروا بالاستغفار لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فسبوهم"٢.

٣- وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف وابن مردوية عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فسبوهم، ثم قرأت الآية {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالأِيمَانِ} ٣.

قال النووي رحمه الله تعالى: قولها: "أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسبوهم" قال القاضي: الظاهر أنها قالت هذا عندما سمعت أهل مصر يقولون في عثمان ما قالوا: وأهل الشام في علي ما قالوا، والحرورية في الجميع ما قالوا: وأما الأمر بالاستغفار الذي أشارت إليه فهو قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالأِيمَانِ} وبهذا احتج مالك في أنه لا حق في الفيء لمن سب الصحابة رضي الله عنهم


١ـ صحيح مسلم ٤/٢٣١٧.
٢ـ المصنف لابن أبي شيبة ١٢/١٧٩.
٣ـ الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي ٨/١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>