للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: أن الوسط حقيقة في البعد عن الطريفين فكان معتدلاً فاضلاً.

الثاني: إنما سمي العدل وسطاً لأنه لا يميل إلى أحد الخصمين والعدل هو: المعتدل الذي لا يميل إلى أحد الطرفين.

الثالث: لا شك أن المراد بقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} طريقة المدح لهم لأنه لا يجوز أن يذكر الله تعالى وصفاً ويجعله كالعلة في أن جعلهم شهوداً له، ثم يعطف على ذلك شهادة الرسول إلا وذلك مدح فثبت أن المراد بقوله وسطاً: ما يتعلق بالمدح في باب الدين ولا يجوز أن يمدح الله الشهود حال حكمه عليهم بكونهم شهوداً إلا بكونهم عدولاً، فوجب أن يكون المراد من الوسط العدالة.

الرابع: أن أعدل بقاع الشيء وسطه لأن حكمه مع سائر أطرافه على سواء وعلى اعتدال، والأطراف يتسارع إليها الخلل والفساد والأوساط محمية محوطة، فلما صح ذلك في الوسط صار كأنه عبارة عن المعتدل الذي لا يميل إلى جهة دون جهة"١أ. هـ.

فالآية ناطقة بعدالة الصحابة رضي الله عنهم قبل غيرهم ممن جاء بعدهم من هذه الأمة.

٢- قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} ٢.

ووجه دلالة هذه الآية على عدالة الصحابة رضي الله عنهم أنها أثبتت الخيرية المطلقة لهذه الأمة على سائر الأمم قبلها وأول من يدخل في هذه الخيرية المخاطبون بهذه الآية مباشرة عند النزول وهم الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وذلك يقتضي استقامتهم في كل حال وجريان أحوالهم على الموافقة دون المخالفة، ومن


١ـ تفسير الرازي ٤/٩٧.
٢ـ سورة آل عمران آية/١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>