للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن الوليد وعبد الرحمن بن عوف كلام، فقال خالد لعبد الرحمن بن عوف تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها ـ فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ـ، فقال: "دعوا لي أصحابي، فوالذي نفسي بيدي لو أنفقتم مثل أحد ذهباً أو مثل الجبال ذهباً لما بلغتم أعمالهم" ١.

هذان الحديثان اشتملا على النهي والتحذير من سب الصحابة رضي الله عنهم، وفيهما التصريح بتحريم سبهم، وقد عد بعض أهل العلم سبهم "من المعاصي الكبائر"٢.

قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: "واعلم أن سب الصحابة رضي الله عنهم حرام من فواحش المحرمات، سواء من لابس الفتن منهم وغيره لأنه مجتهدون في تلك الحروب متأولون"٣.

والنهي في هذين الحديثين المتقدمين كان موجهاً من النبي صلى الله عليه وسلم لمن كانت له صحبة متأخرة، أن يسب من كانت له صحبة متقدمة "لامتيازهم عنهم من الصحبة بما لا يمكن أن يشركوهم فيه حتى لو أنفق حدهم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه، فإذا كان هذا حال الذين أسلموا بعد الحديبية، وإن كان قبل فتح مكة، فكيف حال من ليس من الصحابة بحال مع الصحابة رضي الله عنهم"٤.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "فإن قيل: فلم نهى خالداً عن أن يسب أصحابه إذا كان من أصحابه أيضاً؟، وقال: "لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه".


١ـ المسند ٣/٢٦٦، وأورده السيوطي في الجامع الصغير ورمز له بالصحة. انظر فيض القدير: ٣/٥٣١، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني ٤/٥٥٦.
٢ـ انظر شرح النووي على صحيح مسلم ١٦/٩٣.
٣ـ المصدر السابق.
٤ـ شرح الطحاوية ص/٥٢٩-٥٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>