للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: لأن عبد الرحمن بن عوف ونظراءه هم من السابقين الأولين الذين صحبوه في وقت كان خالد وأمثاله يعادونه فيه، وأنفقوا أموالهم قبل الفتح وقاتلوا وهم أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد الفتح وقاتلوا، وكلاً وعد الله الحسنى، فقد انفردوا من الصحبة بما لم يشركهم فيه خالد ونظراؤه ممن أسلم بعد الفتح الذي هو صلح الحديبية وقاتل، فنهي أن يسب أولئك الذين صحبوه قبله، ومن لم يصحبه قط نسبته إلى من صحبه كنسبة خالد إلى السابقين وأبعد.

وقوله: "لا تسبوا أصحابي" خطاب لكل أحد أن لا يسب من انفرد عنه بصحبته عليه الصلاة والسلام، وهذا كقوله عليه الصلاة والسلام في حديث آخر: "أيها الناس إني أتيتكم فقلت: إني رسول الله إليكم، فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر صدقت فهل أنتم تاركوا لي صاحبي. فهل أنتم تاركوا لي صاحبي" ١.. أو كما قال بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم قال ذلك لما عاير بعض الصحابة أبا بكر، وذلك الرجل من فضلاء أصحابه ولكن امتاز أبو بكر عنه بصحبته وانفرد بها عنه"أ. هـ٢.

فالنهي عن سبهم عام لكل من وجد على ظهر الأرض أيا كان عن أن يسب أي واحد من الصحابة.

قال المناوي بعد قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: "دعوا لي أصحابي": "الإضافة للتشريف تؤذن باحترامهم وزجر سابهم ... "لو أنفقتم مثل أحد ذهباً ما بلغتم أعمالهم" أي: ما بلغتم من إنفاقكم بعض أعمالهم لما قارنها من مزيد إخلاص وصدق نية وكمال يقين، وقوله: "أصحابي" مفرد مضاف فيعم كل صاحب له لكنه عموم مراد به الخصوص ... يدل على أن الخطاب لخالد وأمثاله ممن تأخر إسلامه وأن المراد هنا متقدموا الإسلام منهم الذي كانت له الآثار الجميلة والمناقب


١ـ صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري ٨/٣٠٣، من حديث أبي الدرداء.
٢ـ الصارم المسلول على شاتم الرسول ص/٥٧٦-٥٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>