ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها جميع ذرات هذا الكون، وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل ـ إلى أن قال ـ وقد ورد عنهم أن لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ومثل هذه المنزلة موجودة لفاطمة الزهراء عليها السلام لا بمعنى أنها خليفة أو حاكمة أو قاضية، فهذه المنزلة شيء آخر وراء الولاية والخلافة والإمرة، وحين نقول: إن فاطمة "ع" لم تكن قاضية أو حاكمة أو خليفة، فليس يعني ذلك تجردها عن تلك المنزلة المقربة كما لا يعني ذلك أنها امرأة عادية من أمثال ما عندنا"أهـ١.
هذه ثلاثة نماذج تبين ما وصل إليه الرافضة من الغلو الممقوت في الأئمة الاثنى عشر، فقد غلوا فيهم بما يباين المعقول، ويخالف المنقول ويناقض الأصول، والأئمة الذين قالوا فيهم ما تقدم ذكره وما لم يذكر هنا هم منه براء، وهم بريئون أيضاً ممن تقوله لهم، أو عليهم، فأهل البيت رضوان الله عليهم ما ورد لهم من الفضل محفوظ في كتاب الله تعالى وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد بين الله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ منزلتهم التي يستحقونها، علم ذلك أهل العلم والإيمان من أهل السنة والجماعة وتنكب ذلك من أشرب قلبه بالغلو واطمأن إلى الروايات المختلقة المكذوبة من الشيعة الرافضة، فلم يعرفوا لهم مكانتهم، ولم ينزلوهم منزلتهم، بل نسبوا إليهم ما يشينهم.
ولم يعرف ما لهؤلاء الأئمة من الحق والكريم وإنزالهم منزلتهم التي يستحقونها إلا أهل السنة والجماعة، فقد قال الإمام الذهبي رحمه الله تعالى مبيناً عقيدة أهل الحق فيهم: "فمولانا الإمام علي: من الخلفاء الراشدين المشهود لهم بالجنة رضي الله عنه، نحبه أشد الحب ولا ندعي عصمته ولا عصمة أبي بكر الصديق، وابناه الحسن والحسين: فسبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيدا شباب أهل الجنة،