للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنون" ١، وكذا قولهم أنه يدل على عدم رضاه بقضاء الله وقدره هو باطل أيضاً لما هو معلوم من حاله رضي الله عنه بقوة الإيمان وكونه أكمل الخلق إيماناً بعد الأنبياء والرسل.

سابعاً: وأما هذيانهم أن الحزن إن كان طاعة استحال النهي عنه وإن كان معصية، فلا يدل على الفضيلة يجاب على هذا "أنه لم يدع أحد أن مجرد الحزن كان هو الفضيلة، بل الفضيلة ما دل عليه قوله تعالى: {إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} الآية٢ فالفضيلة كونه هو الذي خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحال واختص بصحبته، وكان له كمال الصحبة مطلقاً وقول النبي صلى الله عليه وسلم له إن الله معنا وما يتضمنه ذلك من كمال موافقته للنبي صلى الله عليه وسلم ومحبته وطمأنينته وكمال معونته للنبي صلى الله عليه وسلم وموالاته ففي هذه الحال من كمال إيمانه وتقواه ما هو الفضيلة وكمال محبته ونصره للنبي صلى الله عليه وسلم هو الموجب لحزنه إن كان حزن مع أن القرآن لم يدل على أنه حزن كما تقدم"٣.

فكل ما يسوقه الرافضة من الكلام على آية الغار محاولين بذلك الطعن على أبي بكر هو كلام باطل غير مقبول والآية على رغم أنوف الرافضة اشتملت على فضل الصديق وما وصل إليه من الكمال الإيماني والصدق اليقيني كما دلت دلالة واضحة أنه صحب الرسول صلى الله عليه وسلم صحبة مودة وموالاة.

ومن مطاعنهم في حق الصديق: زعمهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أنفذه لأداء سورة براءة ثم أنفذ علياً وأمره برده وأن يتولى هو ذلك ـ ثم يقولون ـ ومن لا يصلح لأداء سورة أو بعضها فكيف يصلح للإمامة المتضمنة لاداء الأحكام إلى جميع


١ـ صحيح البخاري ١/٢٢٦، من حديث أنس بن مالك.
٢ـ سورة التوبة آية/٤٠.
٣ـ منهاج السنة ٤/٢٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>