للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قولهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستخلفه، يجاب على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان لم ينص عليه بالاسم إلا أنه أرشد الأمة استخلافه بأمور عديدة من أقوال وأفعال وهمّ عليه الصلاة والسلام أن يكتب بذلك عهداً لكنه علم أن المسلمين يجتمعون عليه فترك ذلك، فلو كان التعيين مما يشتبه على الأمة لبينه بياناً قاطعاً للعذر، لكنه دلهم دلالات متعددة على أن أبا بكر هو المتعين، وفهموا ذلك.

هنا حصل المقصود١ ولا حاجة للنص عليه بعينه اكتفاء بذلك فلا وجه لطعن الشيعة على أبي بكر بهذا وطعنهم عليه بهذا يعد من فضول الكلام.

ومما طعنوا به على أبي بكر: أنهم يقولون: "لما استتب له الأمر قطع لنفسه أجرة من بيت مال الصدقة كل يوم ثلاثة دارهم، وهذا من أظهر الحرام فاكل الحرام تعمداً وخلافاً على الله، وعلى رسوله الله، مصراً عليه غير نادم فيه ولا تائب عنه إلى أن مات بغير خلاف فيه وذلك أن أبواب أموال الشريعة معلومة كل باب منها مفروض من الله ومن رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لقوم بأعيانهم لا يحل لأحد أن يأكل منه حبة واحدة حتى يصير ذلك في أيديهم"٢.

والرد على هذا الافتراء:

أنه لا يصدر إلا ممن قل حياؤه وخبثت سيرته وسريرته، وبلغ في الجهل ذروته، فالصديق رضي الله عنه لم يفرض لنفسه ولا درهما واحداً من بيت مال المسلمين، وإنما خيار الأمة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هم الذين فرضوا له شيئاً يسيراً من بيت مال المسلمين حتى يتفرغ لأمور المسلمين.

فقد أخرج ابن سعد بإسناده إلى عطاء بن السائب، قال: لما استخلف أبو بكر أصبح غادياً إلى السوق، وعلى رقبته أثواب يتجر بها، فلقيه عمر بن


١ـ المصدر السابق ١/١٣٩.
٢ـ كتاب الاستغاثة ١/١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>