للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثاني: لو صح هذا القول عن الصديق لم تجز معارضته بقول القائل الإمام لا يجوز له طلب الإقالة، فإن هذه دعوى مجردة لا دليل عليها، وأما تثبيت كون الصديق قاله والقدح في ذلك بمجرد الدعوى فهو كلام من لا يبالي ما يقول، وقد يقال وهذا يدل على الزهد في الولاية والورع فيها وخوف الله أن لا يقوم بحقوقها، وهذا يناقض ما يقوله الرافضة أنه كان طالباً للرياسة راغباً في الولاية١.

ومما طعنوا به على أبي بكر رضي الله عنه: زعمهم أنه تسمى بخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستخلفه٢.

والرد على هذيانهم هذا:

أنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم على رغم أنف كل رافضي وجد على وجه الأرض إلى يوم القيامة، ولو سمى نفسه بخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم لصدق في ذلك ولقبله منه كل مسلم عرف قدره ومنزلته في هذه الأمة، ولكنه رضي الله عنه لم يسم نفسه بهذا الاسم وإنما سماه به من أطلق الله عليهم بأنهم خير أمة أخرجت للناس٣، ومن أخبر الله عنهم أنهم صادقون بقوله: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} ٤.

فقد اتفق هؤلاء الذين شهد الله لهم بالصدق وجميع إخوانهم من الأنصار رضي الله عنهم على أن سموه خليفة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم٥.


١ـ منهاج السنة ٤/٢١٩.
٢ـ انظر كتاب الاستغاثة في بدع الثلاثة ١/٤-٥، وانظر منهاج الكرامة المطبوع مع منهاج السنة ٢/١٧٥، الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم ٢/٢٩٩.
٣ـ انظر المستدرك ٣/٧٩-٨٠.
٤ـ سورة الحشر آية/٨.
٥ـ منهاج السنة ١/١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>