للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما زعمهم أنه ناقض فجعلها في أربعة ثم في ثلاثة ثم في واحد فجعل إلى عبد الرحمن بن عوف الاختيار بعد أن وصفه بالضعف والقصور.

فالرد عليه: "أنه ينبغي لمن احتج بالمنقول أن يثبته أولاً وإذا قال القائل هذا غير معلوم الصحة لم يكن عليه حجة وعهد عمر بالأمر من بعده إلى الستة ثابت في صحيح البخاري١ وغيره ليس فيه شيء من هذا بل يدل على نقيض هذا وأن الستة هم الذين جعلوا الأمر في ثلاثة، ثم الثلاثة جعلوا الاختيار إلى عبد الرحمن بن عوف واحد منهم ليس لعمر في ذلك أمر"٢.

وأما بيان بطلان افترائهم عليه: أنه قال: إن اجتمع علي وعثمان فالقول ما قالاه، وإن صاروا ثلاثة فالقول قول الذي صار فيهم عبد الرحمن لعلمه أن علياً وعثمان لا يجتمعان على أمر وأن عبد الرحمن لا يعدل بالأمر عن أخيه عثمان وابن عمه.

فالرد عليه يقال لهم: من "الذي قال إن عمر قال هذا، وإن كان قد قاله فلا يجوز أن يظن به أنه كان قصده ولاية عثمان محاباة له ومنع علي معاداة له، فإنه لو كان قصده هذا لولى عثمان ابتداء ولم ينتطح فيها عنزان كيف والذين عاشوا بعده قدموا عثمان بدون تعيين عمر له، فلو كان عمر عينه لكانوا أعظم متابعة له، وطاعة سواء كانوا كما يقوله المؤمنون أهل دين وخير وعدل أو كانوا كما يقوله المنافقون الطاعنون فيهم أن مقصودهم الظلم والشر، وعمر كان في حال الحياة لا يخاف احداً ... فإذا كان في حياته لم يخف من تقديم أبي بكر والأمر في أوله والنفوس لم تتوطن على طاعة أحد معين بعد النبي صلى الله عليه وسلم ولا صار لعمر أمر فكيف يخاف من تقديم عثمان عند موته، والناس كلهم مطيعوه، وقد تمرنوا على طاعته، فعلم أنه لو كان له غرض في تقديم عثمان لقدمه ولم يحتج إلى هذه


١ـ صحيح البخاري ٢/٢٩٧-٢٩٩.
٢ـ منهاج السنة ٣/١٦٨، المنتقى ص/٣٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>