للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدويرة البعيدة، ثم أي غرض يكون لعمر رضي الله عنه في عثمان دون علي وليس بينه وبين عثمان من أسباب الصلة أكثر مما بينه وبين علي لا من جهة القبيلة ولا من غير جهة القبيلة، وعمر قد أخرج من الأمر ابنه ولم يدخل في الأمر ابن عمه سعيد بن زيد وهو أحد العشرة المشهود لأعيانهم بالجنة في حديث واحد١ وهم من قبيلة بني عدي ولا كان يولي من بني عدي أحداً بل ولى رجلاً٢ منهم ثم عزله وكان رضي الله عنه باتفاق الناس لا تأخذه في الله لومة لائم فأي داع يدعوه إلى محاباة زيد دون عمر وبلا غرض يحصل من الدنيا، فمن أقصى عشيرته وأمر بأن الدين الذي عليه لا يوفى إلا من مال أقاربه، ثم من مال بني عدي، ثم من مال قريش، ولا يؤخذ من بيت المال شيء ولا من سائر الناس فأي حاجة له إلى عثمان أو علي أو غيرهما، حتى يقدمه وهو لا يحتاج إليه لا في أهله الذين يخلفهم ولا في دينه الذي عليه، والإنسان إنما يحابي من يتولى بعده لحاجته إليه في نحو ذلك، فمن لا يكون له حاجة لا إلى هذا ولا إلى هذا، فأي داع يدعوه إلى ذلك لا سيما عند الموت وهو وقت يسلم فيه الكافر ويتوب فيه الفاجر٣ ولكن الرافضة قوم لا يفقهون.

وأما زعمهم: أن عمر رضي الله عنه علم أن عبد الرحمن رضي الله عنه لا يعدل الأمر عن أخيه وابن عمه، "فهذا كذب بين على عمر وعلى أنسابهم فإن عبد الرحمن ليس أخاً لعثمان، ولا ابن عمه ولا من قبيلته أصلاً بل هذا من بني زهرة وهذا من بني أمية، وبنو زهرة إلى بني هاشم أكثر ميلاً منهم إلى بني أمية، فإن بني زهرة أخوال النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص، الذي قاله له النبي صلى الله عليه وسلم: "هذا خالي فليكرمن امرؤ


١ـ انظر سنن أبي داود ٢/٥١٥-٥١٦، سنن الترمذي ٥/٣١١-٣١٢، ٣١٥-٣١٦.
٢ـ هو النعمان بن عدي بن نضلة، انظر قصة عزله في تاريخ عمر، لابن الجوزي، ص/١٣٦-١٣٧.
٣ـ منهاج السنة ٣/١٦٨-١٦٩، وانظر المنتقى للذهبي ص/٣٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>