للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنهما، وذلك عندما استحر القتل يوم اليمامة بحفظة القرآن من الصحابة، فقد أمر الصديق زيد بن ثابت بجمع القرآن فتتبعه من العسب١ واللخاف٢ وصدور الرجال حتى أنه وجد خاتمة سورة التوبة مع خزيمة الأنصاري، ولم يجدها مع أحد سواه وذلك من قوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف بعد ذلك عند الصديق حتى قبضه الله، ثم عند الفاروق حياته ثم عند أم المؤمنين حفصة بنت عمر٣ حتى قدم حذيفة بن اليمان على ذي النورين وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق فحدثه حذيفة عن اختلافهم في القراءة فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف، ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: "إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة ومصحف أن يحرق٤.

قال ابن شهاب: "وأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت أنه سمع زيد بن ثابت قال: "فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها..فالتمسنا فوجدناها مع خزيمة الأنصاري {مِنَ


١ـ العسب: جمع عسيب: أي: جريدة النخل وهي السعفة التي لا ينبت عليها الخوص. النهاية في غريب الحديث ٣/٢٣٤.
٢ـ اللخاف، جمع لخفة، وهي حجارة بيض رقاق كانوا يكتبون عليها إذا تعذر الورق. النهاية في غريب الحديث ٤/٢٤٤.
٣ـ انظر صحيح البخاري ٣/٢٢٥.
٤ـ انظر حديث حذيفة هذا في صحيح البخاري من حديث أنس ٣/٢٢٥-٢٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>