للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} فألحقناها في سورتها في المصحف"١.

وأما ما روي أنه حرقها أو خرقها ـ وكلاهما جائز ـ إذا كان في بقائها فساد أو كان فيها ما ليس من القرآن، أو ما ينسخ منه، أو على غير نظمه فقد سلم في ذلك الصحابة كلهم٢.

وقد روي عن ابن مسعود أنه تعتب لما أخذ منه مصحفه فحرق، وتكلم في تقدم إسلامه على زيد بن ثابت الذي كتب المصاحف وأمر أصحابه أن يغلوا مصاحفهم، وتلا قوله تعالى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ٣، فكتب إليه عثمان رضي الله عنه يدعوه إلى اتباع الصحابة فيما أجمعوا عليه لما في ذلك من المصلحة وجمع الكلمة وعدم الاختلاف، فأناب وأجاب إلى المتابعة وترك المخالفة رضي الله عنهم أجمعين٤.

هذا هو الموقف الحق الذي وقفه ابن مسعود عندما جمع ذو النورين القرآن الكريم، فقد كان رضي الله عنه مطيعاً لإمامه الراشد موافقاً له غير مخالف، ولكن الشيعة لما عميت بصائرهم وهم قوم لا عقول لهم حيث يجعلون المناقب مثالب، وإلا فجمع عثمان للقرآن من أعظم مناقبه رضي الله عنه، وقد بذل بهذا العمل جهداً عظيماً في خدمة الدين والعناية بالقرآن، قد كانت كما تقدم مما تشرف بها عظيما الإسلام أبو بكر وعمر وأتمها ذو النورين بجمعه للقرآن وتثبيته وتوحيد رسمه، وبهذا كان للخلفاء الثلاثة أعظم منة على المسلمين وبها حقق الله وعده في قوله ـ عز وجل ـ: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ٥.


١ـ انظر حديث ابن شهاب هذا في المصدر السابق ٣/٢٢٦.
٢ـ العواصم من القواصم ص/٦٦-٧١.
٣ـ سورة آل عمران آية/١٦١.
٤ـ البداية والنهاية ٧/٢٣٧.
٥ـ سورة الحجر آية/٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>