للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويروى أنه قال: "ولينا أعلاناً ذا فوق ولم نأل"١، وكان عثمان في السنة الأولى من ولايته لا ينقمون منه شيئاً، ولما كانت السنة الآخرة نقموا منه أشياء كان معذوراً فيها، ومن جملة ذلك أمر ابن مسعود فإن ابن مسعود بقي في نفسه من أمر المصحف لما فوض عثمان كتابته إلى زيد دونه وأمر أصحابه أن يغسلوا مصاحفهم وجمهور الصحابة كانوا على ابن مسعود مع عثمان وكان زيد بن ثابت قد انتدبه قبل ذلك الصديق والفاروق لجمع المصحف في الصحف، فندب عثمان من ندبه الشيخان وكان زيد بن ثابت قد حفظ العرضة الأخيرة فكان اختيار تلك أحب إلى الصحابة فإن جبريل ـ عليه السلام ـ عارض النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن في العام الذي قبض فيه مرتين٢ ... فكان ذو النورين في هذا على حق كما يعلم وكما يعلم سائر الصحابة مكانة ابن مسعود وعلمه وصدق إيمانه، وكان أيضاً: على حق في أمره بغسل المصاحف الأخرى كلها ومنها مصحف عبد الله بن مسعود لأن توحيد كتابة المصحف على أكمل ما كان هو من أجل أعمال عثمان بإجماع الصحابة الكرام، ولذلك كانوا معه دون ابن مسعود رضي الله عنهم جميعاً.

وأما زعمهم: أنه لما حكم ضرب ابن مسعود حتى مات، "فهذا كذب باتفاق أهل العلم، فإنه لما ولي أقر ابن مسعود على ما كان عليه من الكوفة إلى أن جرى من ابن مسعود ما جرى وما مات ابن مسعود من ضرب عثمان أصلاً"٣.

قال أبو بكر بن العربي: "وأما ضربه لابن مسعود ومنعه عطاءه فزور"٤. فلا وجهة للرافضة بالطعن على عثمان بقصة ابن مسعود هذه فإنه لم


١ـ منهاج السنة ٣/١٩١، ومعنى قول ابن مسعود "ولم نأل": أي: لم نقصر في اختيار الأفضل.
٢ـ منهاج السنة ٣/١٩١.
٣ـ المصدر السابق ٣/١٩٢.
٤ـ العواصم من القواصم ص/٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>