للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالت: يا رسول الله أدع بهديك فانحره وأمر الحلاق فليحلق رأسك"١ وأمر علياً أن يمحوا اسمه فقال: والله لا أمحوك، فأخذ الكتاب من يده ومحاه"٢، فمعلوم أن تأخر علي وغيره من الصحابة عما أمروا به حتى غضب النبي صلى الله عليه وسلم، إذا قال القائل: هذا ذنب كان جوابه كجواب القائل: إن عائشة أذنبت في ذلك فمن الناس من يتأول ويقول وإنما تأخروا متأولين لكونهم كانوا يرجون تغيير الحال بأن يدخلوا مكة، وآخر يقول: لو كان لهم تأويل مقبول لم يغضب النبي صلى الله عليه وسلم بل تابوا من ذلك التأخير ورجعوا عنه مع أن حسناتهم تمحوا مثل هذا الذنب وعلي دخل في هؤلاء رضي الله عنهم أجمعين٣.

وبهذا يبطل طعن الشيعة الرافضة على عائشة وحفصة رضي الله عنهما بأنهما أذاعتا سر رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يزعمون وأنه على تقدير ثبوته فقد أحدثا منه توبة لأن الله دعاهما إلى ذلك ولا يجوز لأحد أن يلوم أحد، أو يعيره بذنب قد تاب منه.

ومما طعنوا به على عائشة رضي الله عنها زعمهم: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "إنك تقاتلين علياً وأنت ظالمة"٤.

والرد على هذا الاختلاق: أنه لا يعرف في شيء من كتب العلم المعتمدة ولا له إسناد معروف وهو بالموضوعات المكذوبات أشبه منه بالأحاديث الصحيحة، بل هو كذب قطعاً.

فإن عائشة لم تقاتل ولم تخرج للقتال، وإنما خرجت بقصد الإصلاح بين المسلمين وظنت أن في خروجها مصلحة للمسلمين، ثم تبين لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى فكانت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبل خمارها٥.


١ـ انظر الحديث في صحيح البخاري ٢/١٢٢، المسند ٤/٣٣١.
٢ـ انظر الحديث في صحيح البخاري ٢/١٢٢، صحيح مسلم ٣/١٤٠٩-١٤١١.
٣ـ انتظر السنة ٢/١٨٤-١٨٥، وانظر مختصر التحفة الاثنى عشرية ص/٢٦٩-٢٧٠.
٤ـ منهاج الكرامة المطبوع مع منهاج السنة ٢/١٨٣، الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم ٢/١٦٤.
٥ـ انظر الطبقات الكبرى لابن سعد ٨/١٨، سير أعلام النبلاء ٢/١٧٧، الدر المنثور في التفسير بالمأثور ٦/٦٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>