للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا عامة السابقين ندموا على ما دخلوا فيه من القتال، فندم طلحة والزبير وعلي١ رضي الله عنهم أجمعين، لم يكن يوم الجمل لهؤلاء قصد في القتال، ولكن وقع الاقتتال بغير اختيارهم فإنه لما تراسل علي وطلحة والزبير وقصدوا الاتفاق على المصلحة وأنهم إذا تمكنوا طلبوا قتلة عثمان أهل الفتنة وكان علي رضي الله عنه غير راض بقتل عثمان ولا معيناً عليه كما كان يحلف فيقول "والله ما قتلت ولا مالأت على قتله"٢ وهو الصادق في يمينه فخشي القتلة أن يتفق علي معهم على إمساك القتلة، فحملوا على عسكر طلحة والزبير فظن طلحة والزبير أن علياً حمل عليهم فحملوا دفعاً عن أنفسهم، فظن علي أنهم حملوا عليه فحمل دفعاً عن نفسه فوقعت الفتنة بغير اختياره وعائشة راكبة لا قاتلت ولا أمرت بالقتال، هكذا ذكره غير واحد من أهل المعرفة بالأخبار"٣.

ومما مطاعنهم التي تناولوا بها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: قولهم "إنها خالفت أمر الله في قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} ٤، حيث خرجت في ملأ من الناس لتقاتل علياً على غير ذنب لأن المسلمين أجمعوا على قتل عثمان"٥.

والرد على هذا أنه باطل من وجوه:

الوجه الأول: أنها لم تتبرج تبرج الجاهلية الأولى، والأمر بالاستقرار في البيوت لا ينافي الخروج لمصلحة مأمور بها كما لو خرجت للحج والعمرة أو


١ـ قال رضي الله عنه يوم الجمل كما في مصنف أبي شيبة ١٥/٢٨٢: "وددت أني مت قبل هذا بعشرين سنة".
٢ـ انظر البداية والنهاية ٧/٢١٢.
٣ـ منهاج السنة ٢/١٨٥.
٤ـ سورة الأحزاب آية/٣٣.
٥ـ انظر منهاج الكرامة المطبوع مع منهاج السنة ٢/١٨٣، انظر الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف ١/٢٩٣، مقدمة مرآة العقول ١/٥٠، الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم ٣/١٦١، الأنوار النعمانية ٢/٢١٥-٢١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>