للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالحرق، وعلى فرض صحة ذلك، فإن المحب الطبري يرى أن فعله ذلك دواء لمفسدة كبيرة في الدين، لكثرة ما في مصحف ابن مسعود من الشذوذ المنكر عند أهل العلم بالقرآن، وبحذفه المعوذتين من مصحفه مع الشهرة عند الصحابة أنهما في القرآن (١).

ولعل سبب ذلك أن ابن مسعود كان يكتب ما يوحى من القرآن في مصحفه كلما بلغه نزول آيات منه، فاختلف ترتيبه عما امتازت به مصاحف عثمان من الترتيب بحسب العرض الأخير على رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدر ما أدى إليه اجتهاد الصحابة المؤيد بإجماعهم.

ويحتمل أن يكون ابن مسعود فاته في مصحفه بعض ما استقصاه زيد بن ثابت ورفاقه من الآيات التي كانت عند آخرين من قراء الصحابة، زد على ذلك أن ابن مسعود كانت تغلب عليه لهجة قومه من هذيل، والنبي صلى الله عليه وسلم رخص لمثل ابن مسعود أن يقرؤوا بلهجاتهم الخاصة.

فكان من الخير توحيد الأمة على قراءة كتاب ربها باللهجة المضرية التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وادعى الطحاوي، والباقلاني، وابن عبدالبر، أن قراءة القرآن على سبع لغات كان رخصة في أول الأمر، ثم نسخ بزوال العذر وتيسر الحفظ، وكثرة الضبط، وتعلم الكتابة (٢).


(١) الرياض النضرة (٣/ ٩٩).
(٢) ذكر ذلك محب الدين الخطيب، انظر العواصم من القواصم (ص: ٨٤) حاشية رقم: (٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>