للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَجُوزُ التَّوَسُّلُ بِصَالِحٍ١، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ، قَالَ أَحْمَدُ فِي مَنْسَكِهِ الَّذِي كَتَبَهُ لِلْمَرُّوذِيِّ: إنَّهُ يَتَوَسَّلُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دُعَائِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ، وَجَعَلَهَا٢ شَيْخُنَا كَمَسْأَلَةِ الْيَمِينِ بِهِ، قَالَ: وَالتَّوَسُّلُ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَطَاعَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ، وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ، وَنَحْوِهِ مِمَّا هُوَ مِنْ فِعْلِهِ وَأَفْعَالِ الْعِبَادِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي حَقِّهِ مَشْرُوعٌ "عِ"، وَهُوَ مِنْ الْوَسِيلَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي قَوْله تَعَالَى: {اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة: ٣٥] . وَقَالَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ: فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ" ٣: الِاسْتِعَاذَةُ لَا تَكُونُ بِمَخْلُوقٍ، قَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ٤: الدُّعَاءُ عِنْدَ قَبْرٍ مَعْرُوفٍ٥ التِّرْيَاقُ الْمُجَرَّبُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: قَصْدُهُ لِلدُّعَاءِ عِنْدَهُ رَجَاءَ الْإِجَابَةِ بِدْعَةٌ لَا قُرْبَةٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَقَالَ أَيْضًا: يحرم بلا نزاع بين الأئمة٦.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ أي: التوسل بالدعاء منه، كما كان الصحابة رضي الله عنهم يتوسلون بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم في حياته، وتوسل عمر بدعاء العباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم، وتوسل معاوية بدعاء يزيد الجرشي رضي الله عنه.
٢ في الأصل وهامش "س": "وجعله".
٣ أخرجه مسلم "٢٧٠٨" "٥٤"، من حديث خولة بنت حكيم السلمية، ونحوه في البخاري "٣٣٧١" عن ابن العباس.
٤ هو الإمام الحافظ، شيخ الإسلام، أبو إسحاق، إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم البغدادي الحربي، صاحب التصانيف له: "غريب الحديث". "ت ٢٨٥ هـ". "سير أعلام النبلاء" ١٣/٣٥٦.
٥ هو: علم الزهد، بركة العصر، أبو محفوظ، معروف بن فيروز الكرخي، كان مجاب الدعوة. "ت ٢٠٠ هـ". الأعلام ٧/٢٦٩.
٦ وهو الصواب؛ إذ كيف يكون قبر أحد من الأموات ترياقا ودواء للأحياء؟! وذلك مما لم يرد به كتاب ولا سنة، ولا فعله أحد من الصحابة والتابعين، ولا استحسنه أحد من أئمة المسلمين الذين يقتدى بهم، بل الثابت هو النهي عن قصد قبور الأنبياء الصالحين لأجل الصلاة، والدعاء عندها.

<<  <  ج: ص:  >  >>