للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ يُطَيِّنُ فَوْقَهُ. وَدَلَّ سَدُّ الْفُرْجَةِ بِحَجَرٍ عَلَى أَنَّ الْبَلَاطَ كَاللَّبِنِ، وَإِنْ كَانَ اللَّبِنُ أَفْضَلَ، يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ: إنَّ اللَّبِنَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ وَأَبْعَدُ مِنْ أَبْنِيَةِ الدُّنْيَا، بِخِلَافِ الْقَصَبِ. وَلِأَحْمَدَ١ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ "لَا تَجْعَلُوا فِي قَبْرِي خَشَبًا وَلَا حَجَرًا" وَلِلْحَنَفِيَّةِ خِلَافٌ فِي الْحَجَرِ، نَظَرًا إلَى أَنَّ كَرَاهَةَ الْآجُرِّ لِأَثَرِ النَّارِ أَمْ لِإِحْكَامِ الْبِنَاءِ وَالزِّينَةِ، وَالْمَعْنَيَانِ لَنَا، فَيَتَوَجَّهُ لَنَا كَذَلِكَ، وَيُكْرَهُ فِيهِ خَشَبٌ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَمَا مَسَّتْهُ النَّارُ، وَدَفْنُهُ فِي تَابُوتٍ "و" وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً، خِلَافًا لِمَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ، نَصَّ عَلَى الْكُلِّ، زَادَ بَعْضُهُمْ: أَوْ فِي حَجَرٍ مَنْقُوشٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ، أَوْ يُجْعَلُ فِيهِ حَدِيدَةٌ وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ رَخْوَةً أَوْ نَدِيَّةً، وَجَوَّزَهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَأَنَّهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.

وَيُسْتَحَبُّ حَثْيُ التُّرَابِ عَلَيْهِ ثَلَاثًا "وش" بِالْيَدِ، وَقِيلَ: مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ، وَقِيلَ: مَنْ دَنَا مِنْهُ، وَعَنْهُ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، ثُمَّ يُهَالُ عَلَيْهِ التُّرَابُ، وَيُكْرَهُ زِيَادَةُ تُرَابِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِلنَّهْيِ٢ "وهـ ش" قَالَ فِي الْفُصُولِ: إلَّا أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ، نَقَلَ أَبُو دَاوُد "إلَّا أَنْ يُسَوَّى بِالْأَرْضِ" وَلَا يُعْرَفُ، وَالْمُرَادُ مَعَ أَنَّ تُرَابَ قَبْرٍ لَا يُنْقَلُ إلَى آخَرَ، وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ.

وَلَا بَأْسَ بِتَعْلِيمِهِ بِحَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ وَنَحْوِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ "هـ" وَنَصَّ أَيْضًا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ "وش" وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَّمَ قَبْرَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ٣ بِصَخْرَةٍ

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ في مسنده "١٧٧٨٠".
٢ أخرج البيهقي ٣/٤١٠، من حديث جابر بن عبد الله وسليمان بن موسى: أن الرسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يبنى على القبر، أو يزد عليه، أو يجصص.
٣ هو: أبو السائب، عثمان بن مظعون بن حبيب، من سادة المهاجرين، ومن أولياء الله المتقين الذين فازوا بوفاتهم في حياة نبيهم فصلى عليهم، وكان أول من دفن بالبقيع، قال فيه رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ماتت ابنته: "الحقي بسلفنا الخير عثمان بن مظعون". "ت ٢ هـ". "سير أعلام النبلاء" ١/١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>