للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الْقَدَرِيَّةُ الْمَجُوسِيَّةُ فَنَفَوْا أَنَّ اللَّهَ قَدَّرَهُ وَقَضَاهُ وَإِلَّا لَلَزِمَ الرِّضَاءُ بِكُلِّ مُقْتَضًى "بِهِ، وَالرِّضَاءُ بِالْكُفْرِ كُفْرٌ بِالْإِجْمَاعِ، قَالَ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ نَصٌّ يَأْمُرُ فِيهِ بِالرِّضَاءِ" وَلَا قَالَهُ أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ، وَأَمَّا مَا فِي كَلَامِ الْعُلَمَاءِ وَالْآثَارِ مِنْ الرِّضَى بِالْقَضَاءِ فَإِنَّمَا أَرَادُوا مَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْعِبَادِ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِبْ الصَّبْرُ عَلَى ذَلِكَ، بَلْ تَجِبُ إزَالَتُهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، فَالرِّضَاء أَوْلَى.

ثُمَّ ذَكَرَ شَيْخُنَا: أَنَّهُ إذَا نَظَرَ إلَى١ إحْدَاثِ الرَّبِّ لِذَلِكَ، لِلْحِكْمَةِ الَّتِي يُحِبُّهَا وَيَرْضَاهَا، رَضِيَ لِلَّهِ بِمَا رَضِيَهُ لِنَفْسِهِ، فَيَرْضَاهُ وَيُحِبُّهُ مَفْعُولًا مَخْلُوقًا لِلَّهِ. وَيُبْغِضُهُ وَيَكْرَهُهُ فِعْلًا لِلْمُذْنِبِ الْمُخَالِفِ لِأَمْرِ اللَّهِ، وَهَذَا كَمَا نَقُولُ فِيمَا خَلَقَهُ مِنْ الْأَجْسَامِ الْخَبِيثَةِ، قَالَ: فَمَنْ فَهِمَ هَذَا الْمَوْضِعَ انْكَشَفَ لَهُ حَقِيقَةُ هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي حَارَتْ فِيهِ الْعُقُولُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ٢.

قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَالصَّبْرُ عَلَى الْعَافِيَةِ أَشَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْقِيَامِ بِحَقِّ الشُّكْرِ.

قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: وَتَهُونُ الْمُصِيبَةُ بِالنَّظَرِ إلَى جَلَالِ مَنْ صَدَرَتْ مِنْهُ وَحِكْمَتِهِ وَمُلْكِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي قَوْله تَعَالَى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ} [الحديد: ٢٢] اعْلَمْ أَنَّ مَنْ عَلِمَ أَنَّ مَا قُضِيَ لَا بُدَّ أَنْ يُصِيبَهُ قَلَّ حُزْنُهُ وَفَرَحُهُ٣. قَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: اتَّفَقَ الْعُقَلَاءُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ أن٤ من لم

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ في الأصل: "في".
٢ فتاوي ابن تيمية ١٠/٦٨٣.
٣ زاد المسير ٨/١٧٣.
٤ بعدها في "س": "كل".

<<  <  ج: ص:  >  >>