للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَازَ أَنْ يَقَعَ الْمَتْبُوعُ لِغَيْرِهِ جَازَ أَنْ يَقَعَ التَّبَعُ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ أَهْدَى مَا لَا يَتَحَقَّقُ حُصُولُهُ؛ لِأَنَّهُ يَظُنُّهُ، ثِقَةً بِالْوَعْدِ وَحُسْنًا لِلظَّنِّ، فَلَا يَسْتَعْمِلُ الشَّكَّ، نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: إذَا دَخَلْتُمْ الْمَقَابِرَ فَاقْرَءُوا آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَثَلَاثَ مرات: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الصمد: ١] ، ثُمَّ قُولُوا: اللَّهُمَّ إنَّ فَضْلَهُ لِأَهْلِ الْمَقَابِرِ، يَعْنِي ثَوَابَهُ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا بُدَّ مِنْ قَوْلِهِ: اللَّهُمَّ إنْ كُنْت أَثَبْتنِي١ عَلَى هَذَا فَقَدْ جَعَلْت ثَوَابَهُ أَوْ مَا شَاءَ مِنْهُ لِفُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَخَلَّفُ، فَلَا يَتَحَكَّمُ عَلَى اللَّهِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: مَنْ سَأَلَ الثَّوَابَ ثُمَّ أَهْدَاهُ كَقَوْلِهِ: اللَّهُمَّ أَثِبْنِي عَلَى عَمَلِي هَذَا أَحْسَنَ الثَّوَابِ وَاجْعَلْهُ لِفُلَانٍ كَانَ أَحْسَنَ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ مَجْهُولًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ، كَمَنْ وَكَّلَ رَجُلًا فِي أَنْ يُهْدِيَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ يَعْرِفُهُ الْوَكِيلُ فَقَطْ صَحَّ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ أَنْ يَنْوِيَهُ بِذَلِكَ وَقْتَ فِعْلِ الْقُرْبَةِ، وَفِي تَبْصِرَةِ الْحَلْوَانِيِّ: قَبْلَهُ. وَفِي مُفْرَدَاتِ ابْنِ عَقِيلٍ: يُشْتَرَطُ أَنْ تَتَقَدَّمَ نِيَّةُ ذَلِكَ أَوْ تُقَارِنُهُ، فَإِنْ أَرَادُوا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلْإِهْدَاءِ وَنَقْلِ الثَّوَابِ أَنْ يَنْوِيَ الْمَيِّتُ بِهِ ابْتِدَاءً كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَبَعَّدَهُ فَهُوَ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِعُمُومِ كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْأَصْحَابِ لَا وَجْهَ لَهُ فِي أَثَرٍ وَلَا نَظَرٍ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ تَقَعَ الْقُرْبَةُ عَنْ الْمَيِّتِ ابْتِدَاءً بِالنِّيَّةِ لَهُ فَهَذَا مُتَّجِهٌ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: ثَوَابُ الْقُرْآنِ يَصِلُ إلَى الْمَيِّتِ إذَا نَوَاهُ قَبْلَ الْفِعْلِ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ الإهداء٢، فَظَاهِرُهُ عَدَمُهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا سَبَقَ فِي التَّبْصِرَةِ.

وَفِي الْفُنُونِ عَنْ حَنْبَلِيٍّ: يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ النية؛ لأن ما تدخله النيابة من

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ ليست في الأصل.
٢ في "ط": "إلا هذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>