للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالذِّمَّةِ، قَالَ: لِأَنَّ تَعَلُّقَهَا بِالْعَيْنِ قَهْرِيٌّ، فَتُقَدَّمُ عَلَى مُرْتَهِنٍ وَغَرِيمٍ وَمُفْلِسٍ، كَأَرْشِ جِنَايَةٍ، وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِالذِّمَّةِ فَهَذَا التَّعَلُّقُ بِسَبَبِ الْمَالِ فَيَزْدَادُ وَيَنْقُصُ وَيَخْتَلِفُ بِحَسَبِهِ، وَهُوَ مِنْ حُقُوقِ الْمَالِ وَنَوَائِبِهِ، فَأُلْحِقَ بِهَا فِي التَّقْدِيمِ عَلَى سَائِرِ الدُّيُونِ، وَمَا زَادَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَجْهًا، وَأَنَّهُ أَوْلَى، وَقَالَ: مَعْنَى التَّعَلُّقِ بِالْعَيْنِ كَتَعَلُّقِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَفِيهِ وَجْهٌ كَتَعَلُّقِ الرَّهْنِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ كَانَ لَهُ دُيُونٌ لَمْ تَقُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ عُقُوبَتَهَا أَعْظَمُ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ، وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ، فَإِنْ أَتَمَّهَا وَإِلَّا قِيلَ اُنْظُرُوا هَلْ لَهُ مِنْ تَطَوُّعٍ، فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ أُكْمِلَتْ الْفَرِيضَةُ مِنْ تَطَوُّعِهِ، ثُمَّ يُفْعَلُ بِسَائِرِ الْأَعْمَالِ الْمَفْرُوضَةِ مِثْلُ ذَلِكَ". حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ١، وَلَهُ٢ أَيْضًا مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ.

وَدُيُونُ اللَّهِ سَوَاءٌ. نَصَّ عَلَيْهِ، فَدَلَّ أَنَّ الرِّوَايَاتِ السَّابِقَةَ فِي كُلِّ دَيْنٍ لِلَّهِ، وَعَنْهُ: تُقَدَّمُ الزَّكَاةُ عَلَى الْحَجِّ، وَقَالَهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ قَدْرَ الْوَاجِبِ مِنْهَا مُسْتَقِرٌّ، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ قَوْلًا، وَيُقَدَّمُ النَّذْرُ بِمُعَيَّنٍ عَلَيْهِمَا، وَعَلَى الدَّيْنِ، كَمَا يَأْتِي فِي الْأُضْحِيَّةِ٣، وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ وَاحْتِمَالٌ مَعَ بَقَاءِ مِلْكِهِ وَجَوَازِ بَيْعِهِ وإبداله.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَضْمَنُ.

فَهَذِهِ عِشْرُونَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ، أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهَا، وَصَحَّحَ أَكْثَرَهَا، ولله الحمد.


١ أبو داود "٨٦٤"، النسائي ١/٢٣٢، ابن ماجه "١٤٢٦"، الترمذي "٤١٣"، أحمد "٧٩٠٢".
٢ في المسند "١٦٩٥٤".
٣ ٦/٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>