مِنْ ذِمِّيٍّ يَكْفُرُ فِيهَا وَيَسْتَبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ، فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ وَكَذَا قَالَ الْآمِدِيُّ وَأَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ مُقْتَصِرًا عَلَيْهَا، وَمُقْتَضَى مَا سَبَقَ مِنْ كَلَامِ الْخَلَّالِ وَصَاحِبِهِ تَحْرِيمُ ذَلِكَ، قَالَهُ شَيْخُنَا. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَاجِرَ دَارِهِ أَوْ بَيْتَهُ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ بَيْتَ نَارٍ أَوْ كَنِيسَةً، أَوْ يَبِيعُ فِيهِ الْخَمْرَ سَوَاءٌ شَرَطَ أَنْ يَبِيعَ فِيهِ الْخَمْرَ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ، لَكِنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَبِيعُ فِيهِ الْخَمْرَ وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: لَا أَرَى أَنْ يَبِيعَ دَارِهِ مِنْ كَافِرٍ يَكْفُرُ فِيهَا، يَبِيعُهَا مِنْ مُسْلِمٍ أَحَبُّ إلَيَّ. وَقَالَ أَيْضًا فِي نَصَارَى وَقَفُوا ضَيْعَةً لَهُمْ لِلْبِيعَةِ: لَا يَسْتَأْجِرُهَا الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ مِنْهُمْ، يُعِينُهُمْ عَلَى مَا هُمْ فِيهِ،
قَالَ شَيْخُنَا: فَقَدْ حَرَّمَ الْقَاضِي إجَارَتَهَا لِمَنْ يعلم أنه يبيع فيها الخمر، مستشهدا على ذَلِكَ بِنَصِّ أَحْمَدَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَبِيعُهَا لِكَافِرٍ، وَلَا يَكْتَرِي وَقْفَ الْكَنِيسَةِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَنْعَ عِنْدَهُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ مَنْعُ تَحْرِيمٍ، قَالَ الْقَاضِي فِي أَثْنَاءِ الْمَسْأَلَةِ: فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ قَدْ أَجَازَ أَحْمَدُ إجَارَتَهَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِيهَا؟ قِيلَ: الْمَنْقُولُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ حَكَى قَوْلَ ابْنِ عَوْنٍ وَعَجِبَ مِنْهُ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُجَوِّزُ إجَارَتَهَا مِنْ ذِمِّيٍّ،
وَظَاهِرُ رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ جَوَازُ ذَلِكَ، فَإِنَّ إعْجَابَهُ بِالْفِعْلِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهِ عِنْدَهُ، وَاقْتِصَارُهُ عَلَى الْجَوَابِ بِفِعْلِ رَجُلٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَذْهَبُهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. وَقَالَ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ أَنَّ مَا فِي الْإِجَارَةِ مِنْ مَفْسَدَةِ الْإِعَانَةِ عَارَضَتْ مَصْلَحَةً، وهي صرف إرعاب المطالبة
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute