للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُزَكِّي الرَّجُلُ الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنْ دَرَاهِمِنَا هَذِهِ، فَيُعْطِي مِنْهَا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ

وَسَأَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ الدَّرَاهِمِ السُّودِ، فَقَالَ: إذَا حَلَّتْ الزَّكَاةُ فِي مِائَتَيْنِ مِنْ دَرَاهِمِنَا هَذِهِ وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ، فَأَخَذَ بِالِاحْتِيَاطِ، فَأَمَّا الدِّيَةُ فَأَخَافُ عَلَيْهِ، وَأَعْجَبَهُ فِي الزَّكَاةِ أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْ مِائَتَيْنِ مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ. وَإِنْ كَانَ عَلَى رَجُلٍ دِيَةٌ أَنْ يُعْطِيَ السُّودَ الْوَافِيَةَ، وَقَالَ: هَذَا كَلَامٌ لَا تَحْتَمِلُهُ الْعَامَّةُ، قَالَ الْقَاضِي: وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ إنَّمَا اعْتَبَرَ وَزْنَهُ سَبْعَةَ مَثَاقِيلَ فِي الزَّكَاةِ، وَالْخَرَاجُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ، وَاعْتُبِرَ فِي الدِّيَةِ أَوْفَى مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الشِّفَاءِ الْمَالِكِيُّ: لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْأُوقِيَّةُ وَالدَّرَاهِمُ مَجْهُولَةً زَمَنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُوجِبُ الزَّكَاةَ فِي أَعْدَادٍ مِنْهَا، وَتَقَعُ بِهَا الْبِيَاعَاتُ وَالْأَنْكِحَةُ، كَمَا فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ١، وَهُوَ يُبَيِّنُ أَنَّ قَوْلَ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ لَمْ تَكُنْ مَعْلُومَةً إلَى زَمَنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَأَنَّهُ جَمَعَهَا بِرَأْيِ الْعُلَمَاءِ، وَجَعَلَ وَزْنَ الدِّرْهَمِ سِتَّةَ دَوَانِيقَ قَوْلٌ بَاطِلٌ، وَإِنَّمَا مَعْنَى مَا نُقِلَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا شَيْءٌ مِنْ ضَرْبِ الْإِسْلَامِ، وَعَلَى صِفَةٍ لَا تَخْتَلِفُ، فَرَأَوْا صَرْفَهَا إلَى ضَرْبِ الْإِسْلَامِ وَنَقْشِهِ، فَجَمَعُوا أَكْبَرَهَا وَأَصْغَرَهَا وَضَرَبُوهُ عَلَى وَزْنِهِمْ. وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: قَالَ أَصْحَابُنَا: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ أَنَّ الدِّرْهَمَ سِتَّةُ دَوَانِيقَ، وَلَمْ تَتَغَيَّرْ الْمَثَاقِيلُ في الجاهلية والإسلام.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ منها ما رواه البخاري ٢٧١٨ ومسلم ٧١٥ عن جابر من حديث الجمل قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعنيه بوقية" وفي رواية للبخاري أيضا: "أخذته بأربعة دنانير".

<<  <  ج: ص:  >  >>