للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا فَرْقَ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَيُسَنُّ دُونَ مِثْقَالٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَالْأَصْحَابِ: لَا بَأْسَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، لِضَعْفِ خَبَرِ بُرَيْدَةَ السَّابِقِ، وَالْمُرَادُ: مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْعَادَةِ وَإِلَّا حَرُمَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ التَّحْرِيمُ، خَرَجَ الْمُعْتَادُ، لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَفِعْلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَمْ يَخْرُجْ بِصِيغَةِ لَفْظٍ لِيَعُمَّ، ثُمَّ لَوْ كَانَ فَهُوَ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ، وَلِهَذَا جَزَمَ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ بِمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي: لَوْ اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ عِدَّةَ خَوَاتِيمَ أَوْ مَنَاطِقَ لَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ فِيمَا خَرَجَ عَنْ الْعَادَةِ، إلَّا أَنْ يَتَّخِذَ ذَلِكَ لِوَلَدِهِ أَوْ عَبْدِهِ، مَعَ أَنَّ الْخَاتَمَ الْخَارِجَ عَنْ الْعَادَةِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ عِدَّةِ خَوَاتِيمَ مُعْتَادٌ لُبْسُهُ، كَحُلِيِّ الْمَرْأَةِ الْكَثِيرِ، وَلِهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: لَا زَكَاةَ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: لَا زَكَاةَ فِي كُلِّ حُلِيٍّ أُعِدَّ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ، قَلَّ أَوْ كَثُرَ، لِرَجُلٍ كَانَ أَوْ لِامْرَأَةٍ. وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِ الْحُلِيِّ وَكَثِيرِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ الْآتِيَ فِي حُلِيِّ الْمَرْأَةِ١، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ لَهُ أَوَانِي: أَلْفُ إناء فأكثر، في كل إناء ضبة

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي كِتَابِ الْخَوَاتِمِ: وَقَدْ أَشَارَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّ التَّخَتُّمَ فِي الْيُمْنَى مَنْسُوخٌ، وَأَنَّ التَّخَتُّمَ فِي الْيَسَارِ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ، انْتَهَى. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: ضَعَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدِيثَ التَّخَتُّمِ فِي الْيَمِينِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ: هُنَا ضُعِّفَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَغَيْرِهِ حَدِيثُ التَّخَتُّمِ فِي الْيُمْنَى. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدَّمَ فِيهَا الْمُصَنِّفُ خِلَافَ الْمَنْصُوصِ وَالصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَب فِيمَا يَظْهَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ: "وَقِيلَ فِي الْيُمْنَى أَفْضَلُ" قَدَّمَ هَذَا الْقَوْلَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ، فَلِصَاحِبِ الرِّعَايَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثُ اختيارات، والله أعلم.


١ ص ١٥٤

<<  <  ج: ص:  >  >>